للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسمين الأخيرين من سورة آل عمران مزيد بيان.

فمثلا سنرى في القسم الرابع قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وهي تفصيل لقوله تعالى وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً. ولكن هذا التفصيل يسير على نسق لم يعهده أحد من قبل ولا من بعد، ولا يستطيعه أحد من قبل ولا من بعد: إنه كتاب فريد عجيب «لا تنقضي عجائبه».

وأخيرا لاحظ ما يلي

مر معنا المقطع الأول من القسم الثاني من سورة البقرة، وهو مقطع مبدوء بقوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً ومختوم بآية البر لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ ... ثم جاءت تتمة القسم، وكان من جملة ما فيه الأمر بإتمام الحج. وفي القسم الذي مر معنا من سورة آل عمران نجد فى أواخره آية في البر: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ. ثم آية في الطعام: كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ .... ثم آيتان هما تتمة لمعاني هذه الآية، ثم كلام عن الكعبة والحج. إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ....

فإذا ما اتضح أن هناك صلة بين القسم الذي مر معنا وبين مقدمة سورة البقرة، وامتدادات معانيها أصبح بالإمكان أن نقول:

إن سورة البقرة ذكرت معاني الإسلام بإجمال، وضمن نسق، وترتيب معين.

وتأتي بعدها سور سبع، هي تتمة قسم الطوال، لتفصل كل منها في محور من سورة البقرة، وفى امتدادات هذا المحور بشكل تفصيلي، بحيث لا ينتهي قسم الطوال إلا أخذنا التغطية التفصيلية الأولى لمعاني سورة البقرة، على نفس ترتيب ورودها في سورة البقرة، فإذا اتضح لك بدايات هذا الموضوع، وإذا اتضح لك صلة معاني القسم الثالث من سورة آل عمران ببعضها، وإذا اتضح لك صلة ذلك كله بقسمي السورة الأولين، فإننا نعتبر أن باستطاعتنا أن ننطلق نحو القسم الرابع في سورة آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>