للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصبكم سنة جدب، أو هزيمة، يفرحوا بذلك إن أصابكم- وهذا منتهى العداء- ثم وجهنا الله- عزّ وجل- إلى ما إن تحققنا به لا يضرنا كيد غيرنا لنا، وهو الصبر والتقوى فقال: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً أي: وإن تصبروا على تكاليف الدين ومشاقة، وما ابتلاكم الله به، وتتقوا الله في اجتناب محارمه، لا يضركم مكرهم وخططهم ضدكم شيئا، بل تكونون في حفظ الله، وذلك لقوله: إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ فهو المحيط بمكرهم، وكيدهم. فإذا كنتم صابرين متقين أحبط ذلك لكم.

وفى نهاية الآية إرشاد من الله تعالى إلى طريق السلامة من شر الأشرار، وكيد الفجار، بالتحقق بالصبر والتقوى، والتوكل على الله الذي هو محيط بأعدائنا، فلا حول ولا قوة لنا إلا به، وهو الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا يقع في الوجود شئ إلا بتقديره. ومشيئته، ومن توكل عليه كفاه.

[فوائد]

١ - نهتنا الآيات أن نتخذ بطانة من دوننا، وبينت لنا سبب ذلك، وشعرنا من خلال الآيات أن المقصود الأول بذلك هم كفرة أهل الكتاب، وإذا كانوا كذلك، فغيرهم أولى أن نحذر. والنهي أعم من هذا كله، فالنهي منصب على عدم جواز اتخاذ بطانة من دوننا، دخل في ذلك الكافرون كلهم من أهل الكتاب، والمشركون والملحدون، ودخل في ذلك المنافقون لأنهم ليسوا منا. قال تعالى الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ والمنافقون يعرفون من أوصافهم في كتاب الله، ومن أقوالهم. ويدخل في ذلك من باب الورع والاحتياط، كل من نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم كونه منا من ذلك «من غشنا فليس منا»، «من رغب عن سنتي فليس مني»، «ومن أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم»، «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية»، «ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية»، «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا»، ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه». أمثال هؤلاء ينبغي أن نحتاط، فلا نتخذهم خاصتنا، ولا نفشي لهم أسرارنا، ولا نظهرهم على عوراتنا، ولا نطلعهم على مخططاتنا، ولا نستشيرهم في أمورنا.

٢ - في حديث صحيح رواه النسائي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما بعث الله

<<  <  ج: ص:  >  >>