للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ختمت الآية بالأمر بالتوكل فقال تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ. أمرنا ألا نتوكل إلا عليه، وألا نفوض أمورنا إلا إليه.

[فوائد]

١ - روى البخاري عن عمر قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: فينا نزلت إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا الآية قال: نحن الطائفتان بنو حارثة، وبنو سلمة وقال سفيان مرة وما يسرني أنها لم تنزل لقوله تعالى وَاللَّهُ وَلِيُّهُما.

٢ - المعروف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد يوم الجمعة بعد الصلاة. وقد قال الله تعالى وَإِذْ غَدَوْتَ وفي الجمع بين هذا وهذا؟ قال ابن جرير: إن غدوهم ليبوئهم مقاعد إنما كان يوم السبت أول النهار.

٣ - خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بألف من المدينة. وكان عدد المشركين ثلاثة آلاف، فلما كان الرسول عليه الصلاة والسلام ومن معه في الشوط (مكان في الطريق إلى أحد). رجع عبد الله بن أبي رأس المنافقين بثلث الجيش مغضبا، لكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذ برأيه وقوله، هناك كادت الطائفتان أن تتزلزلا، وترجعا مع المنافقين، ولكن الله عصمهم توليا للمؤمنين، وإحباطا لكيد المنافقين.

ومن ثم جاءت هاتان الآيتان في معرض البيان أن كيد الكافرين والمنافقين لا يضر المؤمنين إن صبروا واتقوا. ثم ضرب الله مثلا آخر على تولي المؤمنين، وخذلان أعدائهم، وإحباط كيدهم بما حدث يوم بدر. فلنتذكر الصلة بين أجزاء هذا المقطع، وارتباط آخره بأوله، وأن المقطع جاء من أجل أن لا نتخذ بطانة من دوننا، فلا نتخذ بطانة خوفا من كيد الكافرين والمنافقين، لأن الله يحبط كيدهم، وينصرنا عليهم، بصبرنا وتقوانا لا بمخالفتنا أمره. وما حدث يوم بدر نموذج:

وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ أي: ولقد نصركم الله يوم بدر وأنتم أذلة، والأذلة جمع قلة لذليل، واستعمال جمع القلة يفيد أنهم كانوا على ذلتهم وضعف شوكتهم قليلين، ليعلم أن النصر من عند الله، لا بكثرة العدد والعدة، وهذا كما قلنا آت في سياق وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً .. الآية ثم في سياق لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ فمن تذكر يوم بدر أعطاه ذلك درسا أن يستقيم على أمر الله. وأن يخلص وده للمؤمنين وأن يفاصل المشركين، والكافرين، والمنافقين، ولا يخشى إلا ربه والله يتولى شأنه، فيثبط عدوه وينصر جنده، فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي: فاتقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>