للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاحظ صلة قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً هنا بقوله تعالى في بداية القسم فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ فهذه العلامة الثانية التي دلتنا على أن هاهنا نهاية القسم الأول من سورة البقرة.

والعلامة الثالثة هي:

أننا لاحظنا أن مقدمة سورة البقرة وهي تشكل كلا بالنسبة للسورة انتهت بفقرة مبدوءة بقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ

ونلاحظ هنا أنه لأول مرة في سورة البقرة بعد المقدمة يأتي قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ في الآيات التي مرت معنا وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً، فهذا كذلك مما دلنا على أن القسم الأول من سورة البقرة ينتهي هنا.

والعلامة الرابعة التي دلتنا على القسم الأول بداية ونهاية هي المعاني: فهذا القسم كما سنرى من خلال المعاني يتألف من ستة مقاطع كل مقطع مرتبط بما قبله وبما بعده بوشائج وصلات فلنستعرض بعض معاني المقاطع لنرى كيف أنها تدلنا على أنها مع بعضها تشكل قسما من الأقسام: يبدأ المقطع الأول بدعوة الناس جميعا إلى سلوك طريق العبادة والتوحيد، ليكونوا من المتقين، مقيما عليهم الحجة من خلال إعجاز القرآن محذرا ومنذرا ومبشرا، ثم يبين لهم العوامل التي تحول بين الإنسان وبين الهداية، مقيما الحجة على الكافرين بكفرهم، ثم يأتي المقطع الثاني: وفيه قصة آدم التي نهايتها فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ* وهي تبين أن الوضع العادي للإنسان أن يكون مهتديا بهدى الله، وبالتالي فشئ عادي أن يكون الإنسان من المتقين بسلوك طريق ذلك.

ثم بعد ذلك يأتي مقطعان:

مقطع فيه قصة بني إسرائيل، وهي لأمة جاءها وحي ففرطت فيه، ومقطع فيه قصة إبراهيم (عليه السلام) وفيه نموذج على من قام بحق الوحي قياما كاملا: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ أي قام بهن كلهن وفي كل من المقطعين تأخذ هذه الأمة دروسا.

وقصة إبراهيم (عليه السلام) التي فيها بناء الكعبة، تصل بنا إلى مقطع جديد حول

<<  <  ج: ص:  >  >>