للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله» وروى البخاري في صحيحه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة، كان في الحراسة، وإن كان في الساقة، كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع».

[كلمة في القسم الخامس]

التربية من خلال التنبيه على الخطأ سمة من سمات القرآن، ومن سمات التربية النبوية، فليس هناك خطأ يسكت عنه، ولكن لإصلاح الخطأ أسلوبه، فخطأ الجماعة، وخطأ الأفراد، كل ذلك كان يعالج بالأساليب المناسبة. ولقد كان جيل الصحابة، أعظم جيل رباني عرفه هذا العالم، إذ لم يكن الخطأ الجماعي يتكرر مرتين، ومن ثم نجد في القرآن دروس الحياة اليومية، فقد سجل القرآن كثيرا من وقائع الأحداث في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والحادثة التي تسجل تؤخذ دروسها ضمن سياق السورة ومضمونها، وضمن السياق القرآني العام. نقول هذا بمناسبة الكلام عن غزوة بدر، أو غزوة أحد، أو غزوة حمراء الأسد التي تعرضت لها سورة آل عمران. لقد تعرضت السورة لصور من هذه الغزوات، وأعطت دروسها، ولكن ضمن السياق الخاص لسورة آل عمران، والسياق القرآني العام.

فمثلا بدأ القسم الخامس بثلاث آيات فيها وعود من الله- عزّ وجل: بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ وفي هذا السياق تأتي صور من أحد: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ ....

فالآيات تأتي توكيدا لصدق موعود الله، ولكنها تبين من خلال سياقها أن هذه الوعود مشروطة بشروط نفهمها من خلال السياق، وذلك من رحمة الله- عزّ وجل- إذ أعطى الوعد صريحا، وعرفنا على الشروط ضمنا، فلنضع في حسابنا هذه النقطة ونحن نحاول فهم السياق.

ونلاحظ بشكل عام أن القسم الخامس بدأ بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ. وانتهى بقوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ بدأ

<<  <  ج: ص:  >  >>