للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَلَقَكُمْ، اتَّقُوا ..... تَتَّقُونَ.* .. وهكذا نرى أنه من الآية الأولى قد تحدد إلى حد كبير محور سورة النساء من سورة البقرة، وهو موضوع سنتعرض له كثيرا.

بدأت السورة بالأمر بالتقوى، والتذكير بأننا مخلوقون من نفس واحدة ابتداء، سواء في ذلك رجالنا ونساؤنا، ثم كررت الآية الأولى الأمر بتقوى الله، وأمرت باتقاء الأرحام، وذكرت برقابة الله علينا، وسنرى أنه بعد هذه الآية تأتي أوامر بإيتاء اليتامى أموالهم وإيتاء النساء مهورهن. ألا ترى أن الصلة واضحة بين الآية الأولى وما جاء بعدها مباشرة، أليس التذكير بوحدة الأصل يثير العطف والرحمة والشفقة، ويهيج على أداء الحقوق، أليس التذكير برقابة الله يبعث على الرحمة بالضعيف، واليتيم والمرأة في العادة ضعيفان.

وهكذا تبدأ السورة سياقها الخاص مع تفصيلها لمحورها من سورة البقرة، ومن خلال تفصيلها لمحورها نعرف من الآيات الأولى في سورة النساء أن مما يدخل في حقيقة التقوى: القيام بصلة الأرحام، والقيام بحق اليتيم، والحذر من ظلمه أو غبنه إذ لا تظهر تقوى الله، كما تظهر في معاملة الضعيف بالعدل. حيث لا يخشى الإنسان بشرا، ولنمض في تفسير المقطع الأول.

وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً* وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ. فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا* وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً.

[المعنى العام]

يأمر تعالى في هذه الآيات، أن تدفع أموال اليتامى إليهم- إذا بلغوا الحلم- كاملة موفرة. ونهى أن يستبدل الإنسان الحلال بالحرام. كما نهى أن تؤكل أموال اليتامى بضمها، وخلطها إلى أموال الأوصياء ثم أكلها. فإن هذا ذنب كبير، يتنافى مع التقوى. ثم نهى عن حالة من حالات ظلم اليتامى. وهي حالة ما إذا كانت تحت حجر أحدنا يتيمة، وخاف ألا يعطيها مهر مثلها في حالة تزوجها فإن الله- عزّ وجل- نهاه عن تزوجها في هذه الحالة. وندبه إلى العدول إلى ما سواها من النساء، فإنهن

<<  <  ج: ص:  >  >>