للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأخذوا النساء على سبيل الإرث، كما تحاز المواريث، وهن كارهات لذلك، أو مكرهات. والتقييد بالكره، لا يدل على الجواز عند عدمه، لأن تخصيص الشئ بالذكر لا يدل على نفي ما عداه كما في قوله تعالى: (في سورة الإسراء) وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ. وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ العضل هنا: الحبس والتضييق. أي: لا تحبسوهن، وتضيقوا عليهن ليفتدين منكم بأموالهن، ويختلعن ببعض ما دفعتم لهن من المهر. إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ: الفاحشة تطلق على الزنا. وقد فسرها بعضهم بذلك. وعلى هذا فإن المعنى إلا أن يزنين. فإن فعلت حل لزوجها أن يسألها الخلع. وبعضهم فسر الفاحشة في الآية بالذنب المتعلق بهذه الشئون، وهو هنا النشوز وإيذاء الزوج وأهله بالبذاء. فيكون المعنى: إلا أن يكون سوء العشرة من جهتهنّ فقد عذرتم في طلب الخلع. والفاحشة المبينة، هي الواضحة.

وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. في البيتوتة، والنفقة، والإجمال في القول، والملاطفة، والمداعبة وبسط الوجه، والتودد، والمؤانسة. فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ.

لقبحهن، أو سوء خلقهن، أو لانصراف قلوبكم عنهن، فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً، وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً. أي: ويجعل الله في ذلك الشئ، أو في الكره ثوابا جزيلا، أو ولدا صالحا. والمعنى: فإن كرهتموهن فلا تفارقوهن لكراهة الأنفس وحدها. فربما كرهت النفس ما هو أصلح في الدين وأدنى إلى الخير، وأحبت ما هو بضد ذلك. فإن فارقتم ففارقوا لا من حيث الكره، ولكن من حيث ما هو الأصلح. وإذن فالمعنى: فإن كرهتموهن، فاصبروا عليهن مع الكراهية، فلعل لكم فيما تكرهونه خيرا كثيرا قد لا تجدونه فيما تحبونه.

وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ أي: وإن أردتم تطليق امرأة وتزوج أخرى. وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً. أي: وأعطيتم إحدى الزوجات مالا عظيما. فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أي: لا تأخذوا أي شئ من هذا المال الكثير الذي أعطيتموهن إياه مهرا. أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً: الإثم المبين: الذنب الواضح، والبهتان: أن تستقبل الرجل بأمر قبيح تقذفه به وهو برئ منه، لأنه يبهت عند ذلك أي يتحير، والمعني: أتأخذونه باهتين وآثمين.

وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ. إنكار للأخذ بعد حدوث ما يأتي. وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً.

الإفضاء: هو الخلوة في الأصل وما يكون فيها من جماع. والميثاق الغليظ: هو العهد الوثيق. والمعنى: كيف تأخذون من المهر بعد أن خلا بعضكم إلى بعض، وبعد عقد الزواج وما يحتويه ضمنا من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وغير ذلك، ثم تطلقوهن،

<<  <  ج: ص:  >  >>