للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إنما كان هذا ...) إلى آخره: فيه إشعار بأن الوعيد على الاكتناز في الآية وهو حبس ما فضل عن الحاجة عن المواساة به كان في أول الإسلام، ثم نسخ لما فتح الله الفتوح، وقدرت نصب الزكاة، فالمراد بنزول الزكاة بيان نصبها ومقاديرها، لا إنزال أصلها.

١٤٠٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ، سَمِعَ هُشَيْمًا، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا؟ قَالَ: " كُنْتُ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي: {الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٤] " قَالَ مُعَاوِيَةُ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الكِتَابِ، فَقُلْتُ: " نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْكُونِي، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ: أَنِ اقْدَمِ المَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ " فَقَالَ لِي: إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ، فَكُنْتَ قَرِيبًا، «فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا المَنْزِلَ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ».

(بالربذة): بفتح الراء الموحدة والمعجمة: مكان بين مكة والمدينة نزله أبو ذر بأمر عثمان باختياره له، وذلك أن عثمان أمره بالتنحي عن المدينة لدفع المفسدة التي خافها على غيره من مذهبه، فإنه كان يرى بظاهر الآية وأنه يحرم إمساك ما فضل عن الحاجة من الأموال، ويجب التصدق به، فاختار هو الربذة لأنه كان يغدو إليها في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأذن له فيها، فكان مبغضو عثمان يشنعون عليه أنه نفى أبا ذر.

وفي "طبقات ابن سعد": "أن ناسًا من أهل الكوفة قالوا لأبي ذر وهو بالربذة: إن هذا الرجل فعل بك وفعل، هل أنت ناصب لنا راية؟ يعني: فنقاتله، قال: لا، لو أن عثمان سيرني من المشرق إلى المغرب لسمعت وأطعت".

<<  <  ج: ص:  >  >>