للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ. فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا. فَاحْتَمَلْنَا عَلَيهَا. وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ فَجَعَلَ يَبْكِي. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ. فَنَافَرَ أُنَيسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا، فَأَتَيَا الْكَاهِنَ، فَخَيَّرَ أُنَيسًا، فَأَتَانَا أُنَيسٌ بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا

ــ

شكره وجزاءه الواجب لك علينا بما قلت لنا من الظن في عرضنا فلا مكافأة لك علينا (ولا جماع لك) أي ولا اجتماع لك معنا (فيما بعد) أبدأ أي فيما يستقبل من الزمان في الدنيا ولا في الآخرة لأنك قطعت رحمنا وقرابتنا لك بما قلت لنا قال أبو ذر (فقرّبنا) بصيغة الماضي المسند إلى المتكلمين أي قرّبنا إلى منزلنا (صرمتنا) لنحمل عليها مواعيننا والصرمة بكسر الصاد القطعة من الإبل وقد يستعمل لقطيع من الغنم والمعنى أننا طلبنا إبلنا من مرعاها وجمعناها حول منزلنا (فاحتملنا) أي حملنا (عليها) مواعيننا وأثاثنا وركبناها لنغادره بالذهاب والارتحال من عنده (و) لما رأى ذلك العزم على الارتحال من عنده (تغطى) أي غطّى (خالنا) وستر وجهه بـ (ـثوبه فجعل) أي شرع (يبكي) لارتحالنا من عنده وحزنًا على فراقنا له وندمًا على ما فعله بنا من الظن بنا والطعن في عرضنا (فانطلقنا) أي ذهبنا وارتحلنا من عنده (حتى نزلنا بحضرة مكة) المكرمة أي بقربه وفنائها قال في المصباح حضرة الشيء فناؤه وقربه والظاهر أن مراده أنهم نزلوا بموضع قريب من مكة ولم يدخلوها (فنافر) أي سابق أخي (أنيس) مع رجل آخر في الشعر وعن في قوله (عن صرمتنا وعن مثلها) بمعنى على أي تسابقا في الشعر على أن عوض المسابقة صرمتنا من جهة أنيس ومثل صرمتنا أي قدرها من جهة الرجل المتسابق معه والمعنى تسابق هو ورجل آخر ليعلم أيهما أفضل وأعلم في الشعر وكأن عوض المسابقة صرمة ذا وصرمة ذاك أيهما كان أفضل في الشعر وأعلم أخذ الصرمتين فتحاكما إلى كاهن فحكم بأن أنيسًا كان أفضل وأعلم وهي معنى قوله فخير أنيسًا أي جعله الخيار والأفضل على الرجل الآخر في الشعر (فأتيا) أي أتى أنيس والرجل الآخر (الكاهن) ليحكم بينهما والظاهر أن الكاهن كان أشعر الشعراء (فخيّر) الكاهن (أنيسًا) أي جعله خيارًا فائقًا على الرجل الآخر في علم الشعر (فأتانا) معاشر أهلنا.

(أنيس بصرمتنا و) بـ (ـمثلها) أي بقدرها (معها) أي مع صرمتنا عوضًا لغلبته على الرجل الآخر في الشعر قوله "فنافر أنيس" قال أبو عبيد المنافرة أن يفتخر أحد الرجلين على الآخر في علم الشيء ثم يحكم بينهما رجل ثالث وقال غيره المنافرة المحاكمة يقال تنافرا إلى فلان إذا تحاكما إليه أيهما أعز نفرًا وأفضل علمًا بالشيء والنافر الغالب

<<  <  ج: ص:  >  >>