للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الحافظ في الفتح قوله جاء رجل يحتمل أن يكون جاهمة بن العباس بن مرداس فقد روى النسائي وأحمد من طريق معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت الغزو وجئت لأستشيرك فقال هل لك من أم قال نعم قال الزمها الحديث ورواه البيهقي من طريق ابن جريج عن محمد بن طلحة بن ركانة عن معاوية بن جاهمة السلمي عن أبيه كذا في فتح الباري [٦/ ١٤٠] قوله فقال: "أحيٌّ والداك قال نعم" فيه ما يدل على أن المفتي إذا خاف على السائل الغلط أو عدم الفهم تعين عليه الاستفصال وعلى أن الفروض والمندوبات مهما اجتمعت قدم الأهم منها وأن القائم على الأبوين يكون له أجر مجاهد.

وزيادة قوله: "ففيهما فجاهد" أي جاهد نفسك في برهما وطاعتهما فهو الأولى بك لأن الجهاد فرض كفاية وبر الوالدين فرض عين فلو تعين الجهاد وكان والداه في كفاية ولم يمنعاه أو أحدهما من ذلك بدأ بالجهاد فلو لم يكونا في كفاية تعين عليه القيام بهما فيبدأ به فلو كانا في كفاية ومنعاه لم يلتفت إلى منعهما لأنهما عاصيان بذلك المنع وإنما الطاعة في المعروف كما لو منعاه من صلاة الفرض فأما الحج فله أن يؤخره السنة والسنتين ابتغاء رضاهما قاله مالك هذا وإن قلنا إنه واجب على الفور مراعاة لقول من يقول إنه على التراخي وقد تقدم الكلام على ذلك في الحج فراجعه اهـ من المفهم.

قال القسطلاني "ففيهما فجاهد" الجار متعلق بالأمر قدم عليه للاختصاص أي خصصهما بتكليف النفس بما يرضيهما والفاء الأولى فصيحية لأنها للإفصاح عن شرط محذوف والثانية جزائية لتضمن الكلام معنى الشرط والتقدير فإذا كان الأمر كما قلت وأردت بيان ما هو اللازم لك فاخصصهما بالجهاد وقوله فجاهد أتى به للمشاكلة فليس ظاهره مرادًا لأن الجهاد إيصال الضرر إلى الغير وإنما المراد به القدر المشترك من كلفة الجهاد وهو بذل المال وتعب البدن فيؤول المعنى ابذل مالك وأتعب بدنك في رضا والديك اهـ باختصار.

قلت اختلج في صدري أن ما بعد فاء الجزائية لا يعمل فيما قبلها ثم رأيت في العيني حيث قال الجار والمجرور متعلق بمقدر وهو جاهد ولفظ جاهد المذكور مفسر له لأن ما بعد الفاء الجزائية لا يعمل فيما قبلها ثم قال وفيه التأكيد ببر الوالدين وتعظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>