للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَبَرِي، حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ. وَاللهِ، مَا جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ. حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ. فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ. وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا. وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا. فَجَلَا لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ

ــ

خبري) وقصتي وشأني وحالي (حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك) وجملة أن في قوله: (أني لم أكن قط) أي في زمن من الأزمنة الماضية (أقوى) أي أشد قوة في الجسم (ولا أيسر) أي ولا أكثر مالًا (مني) أي من قوتي ويساري (حين تخلفت عنه) صلى الله عليه وسلم (في تلك الغزوة) أي في غزوة تبوك في تأويل مصدر مرفوع على أنه اسم كان مؤخرًا، والجار والمجرور في قوله من خبري خبرها مقدمًا، والتقدير وكان عدم كوني أقوى وأيسر مني حين تخلفت عنه كائنًا من شأني وحالي حين تخلفت عنه وذلك لأني (والله ما جمعت قبلها) أي قبل غزوة تبوك (راحلتين قط) أي فيما مضى من عمري (حتى جمعتهما) أي فجمعتهما (في تلك الغزوة فغزاها) أي فغزا تلك الغزوة (رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد) أي في وقته (واستقبل) أي استأنف وابتدأ (سفرًا بعيدًا) مسافته (و) سلك (مفازًا) أي برية طويلة قليلة الماء يخاف فيها الهلاك (واستقبل) أي قابل (عدوًا كثيرًا) عددهم نحو أربعين ألفًا كما مر عن الطبراني (فـ) لأجل ذلك (جلا) أي كشف وبيّن وأظهر وأوضح (للمسلمين أمرهم) وشأنهم ومقصدهم وعرفهم ذلك على وجهه من غير تورية، من جلوت الشيء أي كشفته وبينته بتخفيف اللام، ووقع في بعض روايات البخاري (فجلا) بتشديد اللام، وهما بمعنى وزاد البخاري قبله ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلَّا ورى بغيرها، وسيأتي في رواية محمد بن عبد الله بن مسلم، والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته أن لا يعلن جهة خروجه للقتال بل كان من عادته التورية بذلك فإن كان يريد جهة المشرق مثلًا توجه إلى المغرب عند الخروج ثم عاد إلى المشرق لئلا يتبين أمره للمنافقين ولطلائع العدو، كان ذلك من تدبير الحرب وسياسته فإن الحرب خدعة ولكنه لم يفعل مثل ذلك في غزوة تبوك بل أعلن جهة خروجه قبل أن يخرج لما رأى من طول السفر وكثرة العدو وزيادة المشقة فالمراد أن يكون المسلمون على بينة من الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>