للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ الله صلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ. ثُم قَال: "أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَن أَبا عُبَيدَةَ قَدِمَ بِشَيءٍ مِنَ الْبَحْرَينِ؟ " فَقَالُوا: أَجَلْ. يَا رَسُولَ الله. قَال: "فَأبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللهِ، مَا الْفَقْرَ أَخشَى عَلَيكُمْ. وَلَكِني أَخْشَى عَلَيكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ثم قال لهم أظنكم) أنكم (سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء) من المال (من البحرين فقالوا أجل) أي نعم سمعنا قدومه (يا رسول الله) فـ (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأبشروا) بنيل مرادكم (وأملوا) من التأميل أي اقصدوا (ما يسركم) ويبشركم، قال الحافظ في الفتح: قوله (فوافوا صلاة الفجر) .. الخ يؤخذ منه أنهم كانوا لا يجتمعون في كل الصلوات إلا لأمر يطرأ وكانوا يصلون في مساجدهم إذ كان لكل قبيلة مسجد يجتمعون فيه فلأجل ذلك عرف النبي صلى الله عليه وسلم أنهم اجتمعوا لأمر ودلت القرينة على تعيين ذلك الأمر وهو احتياجهم إلى المال للتوسعة عليهم أفاده الحافظ في الفتح (فوالله) الذي لا إله غيره (ما الفقر) والعدم (أخشى) وأخاف (عليكم) أيها الأصحاب بعد وفاتي، بنصب الفقر على أنه مفعول مقدم لأخشى، وقال الطيبي في الكاشف [٩/ ٢٩٣]: (فإن قلت) ما الفائدة في تقديم المفعول في الفقرة الأولى دون الثانية يعني في قوله (ولكني أخشى عليكم أن تُبسط الدنيا عليكم) (قلت) فائدته الاهتمام بشأن الفقر لأن الأب المشفق إذا احتضر إنما يكون اهتمامه بشأن الولد ضياعه وإعدامه المال كأنه صلى الله عليه وسلم يقول حالي معكم خلاف حال الوالد فإني لا أخشى الفقر كما يخشاه الوالد على الولد ولكن خوفي عليكم من الغنى الذي هو مطلوب الوالد للولد.

(ولكني أخشى) وأخاف (عليكم أن تُبسط) وتوسع (الدنيا) وزخارفها (عليكم كما بسطت) ووُسعت (على من كان قبلكم) من الأمم ككسرى وقيصر (فتنافسوها) بفتح التاء والفاء لأنه مضارع تنافس الخماسي من باب تفاعل، والأصل فتنافسوا فيها فحُذفت إحدى التاءين لتوالي الأمثال؛ وهو مضارع معطوف على تبسط منصوب بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، قال القرطبي: (فتنافسوها) .. الخ أي تتحاسدون فبها فتختلفون وتتقاتلون فيهلك بعضكم بعضًا كما قد ظهر ووُجد، وقد سمى في هذا الحديث التحاسد تنافسًا توسعًا لقرب ما بينهما اهـ كما سيأتي الفرق بينهما اهـ مفهم (كما تنافسوها) بتاء واحدة لأنه ماض أُسند إلى واو الجماعة أي فترغبوا فيها كما رغب فيها من كان قبلكم

<<  <  ج: ص:  >  >>