للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنْ يَتَّقِيَ مِنْهَا مَا كَانَ عَنْ أَهْلِ التُّهَمِ وَالْمُعَانِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ

ــ

وقولُه: (وأنْ يَتَّقِيَ) معطوفٌ على خبرِ أَنَّ؛ أي: وأَنَّ الواجب عليه أنْ يَتَّقِيَ وَيتَحَرَّزَ وَيَتَجَنَّبَ (منها) أي: مِنْ تلك الروايات (ما كان) منقولًا (عن أهلِ التُّهَمِ) بالكذب والوَضْع، وعن أهل الشكّ في صِدْقِهم.

وفي بعض النُّسَخ زيادةُ (مِنْها) بعد (كان)، وإِسقاطُها أَوْلى؛ لِما في إِثباتِها من التكرار بلا فائدة.

قال النوويُّ: (قولُه: "وأنْ يَتَّقِيَ منها" ضبطناه بالتاء المثناة فوقُ بعد المثناة تحتُ وبالقاف من الاتقاء، وهو الاجتناب، وفي بعض الأصول: "وأنْ يَنْفِيَ" بالنون والفاء وهو صحيحٌ أيضًا، وهو بمعنى الأول) اهـ (١)

ويُقال: (اتَّهَمَه في قوله) إِذا شَكَّ في صِدْقِه، والتهم: جمع تهمة، وهي اسمُ مصدرٍ من الاتِّهام، وما يتهم عليه.

قال النووي: (وقولُه: "بين صحيح الرواياتِ وسَقِيمِها وثِقَاتِ الناقلين لها من المُتَّهَمِين" ليس هو من باب التكرار للتَّأكيد، بل له معنًى غير ذلك؛ فقد تَصِحُّ الروايات لمتن، ويكون الناقلون لبعض أسانيده مُتَّهَمِين، فلا يُشْتَغَلُ بذلك الإسناد) اهـ (٢).

وقولُه: (والمُعَانِدِينَ) معطوفٌ على (أهلِ التُّهَمِ) أي: وما كان منها منقولًا عن المُعَانِدِين للحقّ والمُعَارِضِين له والمُفَارِقِين للسُّنَّة والجماعةِ الكائنين (مِنْ أهلِ البِدَعِ) والاختراعاتِ الْمُحْدَثة، والخُرافات المُزَيَّفة.

والبدَع -بكسر أوله وفتح ثانيه-: جمعُ بِدْعَة بكسرِ أوله وسكونِ ثانيه، وهي: كُلُّ ما اخْتُرِعَ وأُحْدِثَ على غيرِ مثالٍ سابق.

فالاتّقاءُ عن رواية أهل البِدَع واجبٌ عند المؤلِّف مطلقًا؛ أي: سواء كانوا داعين إِلى بِدْعَتِهم أم لا، وهو ضعيَفٌ، والراجحُ: قبولُ الروايةِ من المبتدعة إِذا لم يكونوا


(١) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٦٠).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>