للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، قَال لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ}

ــ

شيخه (عن العلاء) بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحرقي مولاهم، أبي شبل المدني، صدوق ربما وهم من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين ومائة، روى عنه المؤلف في أربعة أبواب تقريبًا (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني الحرقي مولاهم، أبي العلاء المدني، ثقة من الثالثة، روى عن أبي هريرة في الإيمان وغيره، ويروي عنه (م عم) وابنه العلاء، ومحمد بن إبراهيم النخعي (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني، وهذا السند من سداسياته، رجاله ثلاثة منهم بصريون، وثلاثة مدنيون (قال) أبو هريرة (لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم) آية ({لِلَّهِ}) سبحانه وتعالى خلقًا ومِلكًا ومُلكًا جميع ({مَا فِي السَّمَاوَاتِ}) السبع {وَ} جميع ({مَا فِي الْأَرْضِ}) وما بينهما من العقلاء وغيرهم، قال القرطبي: و (ما) هذه بمعنى الذي، وهي متناولة لمن يعقل وما لا يعقل، وهي هنا عامة لا تخصيص فيها بوجه، لأن كل من في السموات ومن في الأرض وما فيهما وما بينهما خلق الله سبحانه وتعالى وملك لله تعالى ({وَإِنْ تُبْدُوا}) أي تُظهروا ({مَا فِي أَنْفُسِكُمْ}) وقلوبكم من الخطرات لغيركم أيها العباد ({أَوْ تُخْفُوهُ}) أي أو تخفوا ما في أنفسكم من الخواطر أي تسروه عن غيركم من العباد ({يُحَاسِبْكُمْ}) أي يؤاخذكم ({بِهِ}) أي بما في أنفسكم ({اللَّهُ}) سبحانه وتعالى ({فَيَغْفِرُ}) سبحانه وتعالى تلك الخطرات ({لِمَنْ يَشَاءُ}) الغفران له ({وَيُعَذِّبُ}) عليها ({مَنْ يَشَاءُ}) تعذيبه ({وَاللَّهُ}) سبحانه وتعالى ({عَلَى كُلِّ شَيءٍ}) شاءه من التعذيب والغفران ({قَدِيرٌ}) أي قادر، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه يفعل ما يشاء في عباده.

قال القرطبي: و (ما) هذه أيضًا على عمومها، فتتناول كل ما يقع في نفس الإنسان من الخواطر ما يطيق دفعه منها وما لا يطيق، ولذلك أشفقت الصحابة رضي الله تعالى عنهم من محاسبتهم على جميع ذلك، ومؤاخذتهم به، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: كلفنا ما نطيق الصلاة والصيام وغيرهما كالصدقة وهذه الآية لا نطيقها، ففيه دليل على أن موضوع ما للعموم، وأنه معمول به فيما طريقه الاعتقاد، كما هو معمول به فيما طريقه العمل، وأنه لا يجب التوقف فيه إلى البحث عن المخصص، بل يبادر إلى اعتقاد الاستغراق فيه وإن جاز التخصيص. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>