للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ

ــ

جميع النسخ التي عندنا، وفي تفاسير ابن كثير والنيسابوري والخازن "فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في إثرها" إلخ، والمعنى (فلما قرأها القوم وارتاضت بالاستسلام لذلك ألسنتهم أنزل الله تعالى في إثرها) إلخ وهذا كلام مستقيم حسن، وأما بدون العاطف فلا يستقيم إلا بوجود الفاء في أول أنزل، ولهذا زدناها عليه، كما هو المطبوع في المتن المصري، وفي المتن الذي تضمنه شرح النووي وغيره اهـ ما في الهامش.

قوله (فأنزل الله في إثرها) أي عقب تلك الآية التي شكوا منها وهي قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} الآية، وهو بفتح الهمزة والثاء، وبكسر الهمزة مع إسكان الثاء لغتان اهـ نووي ({آمَنَ الرَّسُولُ}) أي صدق الرسول محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ({بِمَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ}) أي بكل ما جاء به الوحي من ربه من العقائد والأحكام، تصديق يقين واطمئنان، وتخلق به، كما قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها -: "كان خلقه القرآن" ({وَالْمُؤْمِنُونَ}) أي الفريق المعروفون بهذا الاسم، وهو مبتدأ أول ({كُلٌّ}) مبتدأ ثان ({آمَنَ}) خبره، والجملة خبر للمبتدأ الأول، والرابط بينهما الضمير الذي ناب التنوين منابه، وتوحيد الضمير في آمن مع رجوعه إلى المؤمنين لما أن المراد بيان إيمان كل فرد منهم، من غير اعتبار الاجتماع، وهذا التركيب إذا وقفنا على قوله من ربه وجعلنا قوله والمؤمنون كلامًا مستأنفًا، واختاره أبو السعود، ويجوز أن يكون قوله والمؤمنون معطوفًا على الرسول فيوقف عليه، والضمير الذي عوض عنه التنوين راجع إلى المعطوفين معًا، والمعنى آمن الرسول والمؤمنون بما أنزل إليه من ربه ثمَّ فصل ذلك، وقال كل واحد من الرسول والمؤمنين أومن بالله خلا أنَّه قدم المؤمن به على المعطوف اعتناءً بشأنه وإيذانًا بأصالته - صلى الله عليه وسلم - في الإيمان به.

أي كل واحد منهم آمن ({بِاللَّهِ}) سبحانه وتعالى وحده من غير شريك له في الألوهية والمعبودية ({وَمَلَائِكَتِهِ}) من حيث إنهم عباد مكرمون له تعالى من شأنهم التوسط بينه تعالى وبين الرسل بإنزال الكتاب وإلقاء الوحي ({وَكُتُبِهِ}) بتصديق أنَّه من عند الله تعالى وتحليل ما أحله وتحريم ما حرمه ({وَرُسُلِهِ}) باتباعهم وطاعتهم ولم يذكر الإيمان باليوم الآخر لاندراجه في الإيمان بكتبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>