للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِمِثْلِ ذَلِكَ

ــ

والجارُّ والمجرورُ في قوله: (بمِثْلِ ذلك) متعلِّقٌ بـ (حَدَّثَنَا) عليُّ بن حفص)؛ لأنه العامل في المتابِع؛ أي: حَدَّثَنَا عليُّ بن حَفْصٍ عن شعبة بمِثْلِ ما حَدَّثَ معاذٌ العنبريُّ وعبدُ الرحمنِ بن مَهْدِيٍّ عنه.

وغَرَضُ المؤلِّفِ بسَوْقِ هذا السَّنَدِ الأخيرِ: بيانُ متابعة حفص بن علي لمعاذٍ وعبد الرحمن في رواية هذا الحديث عن شُعْبة، فالمتابعةُ تامَّة، وفائدتُها: بيانُ كثرةِ طُرُقِه؛ لأنَّ السَّنَدَ الأولَ أَصَحُّ لكَوْنِ رجالِه كُلِّهم ثِقَات وإِنْ كان فيه إِرسالٌ من هذا السَّنَدِ الأخيرِ، لأنًه ليس كُلُّ رجالِه ثِقات؛ لأنَّ فيهم صدوقًا وهو عليُّ بن حفص، ولقُوَّةِ السند الأول قَدَّمَه على الثاني مع كونه مُتَّصلًا، ولا يَضُرُّ الإِرسالُ فيه لوَصْلِه بوَجْهٍ آخَرَ كما مَرَّ.

وعبارة السنوسي هنا: (وأمَّا بَحْثُ الإِسنادِ: فقد وَقَعَ في الطريق الأول: "عن حفص عن النبي صلى الله عليه وسلم" مرسلًا؛ فإِنَّ حفصًا تابعيٌّ، وفي الطريق الثاني: "عن حفص عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم"، فالطريقُ الأولُ: رواهُ مسلم من رواية ابن معاذ وعبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن شعبة، وكذا رواه غُنْدَرٌ عن شعبة فأَرْسَلَه، والطريقُ الثاني: عن علي بن حفص عن شُعْبة، وإذا ثَبَتَ أنه رُويَ مُتَّصِلًا ومُرْسَلًا .. فالعملُ على أنه مُتَّصِلٌ، هذا هو الصحيح، ولا يَضُرُّ كونُ الأكثرين أرسلوه؛ فإِنَّ الوصلَ زيادةٌ من ثقةٍ فيُقبل، وأمَّا قولُه في الطريق الثاني: "بمِثْلِ ذلك": فهي رواية صحيحة.

واختلفوا إِذا أراد السامعُ أن يروي المتنَ بالإِسناد الثاني مقتصِرًا عليه، قال النوويُّ (١): "الأظهرُ مَنْعُه، وهو قولُ شُعْبة، وقال سفيان الثَّوْريُّ: يجوزُ بشَرْطِ أن يكون الشيخُ المُحَدِّثُ ضابطًا متحفظًا مميِّزًا بين الألفاظ، وقال يحيى بن مَعِين: يجوز في قوله: "مثله" ولا يجوز في "نحوه"، قال الخطيبُ البغداديُّ: وهذا قاله ابنُ مَعِينٍ بناءً على مَنع الرواية بالمعنى، وأمَّا على جوازها .. فلا فَرْقَ.

وكان جماعة من العلماء يحتاطون في مِثْلِ هذا، فإِذا أرادوا روايةَ مِثْلِ هذا ..


(١) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>