للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيكَ كَذِبًا. قَال: فَإِني نَذِير لَكُمْ بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ".

قَال: فَقَال أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَمَا جَمَعْتَنَا إِلا لِهذَا؟ ثُم قَامَ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ السورَةُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: ١].

كَذَا قَرَأَ الأعْمَشُ إِلَى آخِرِ السورَةِ

ــ

عهدنا (عليك كذبًا) فيما مضى من عمرك (قال) إذًا (فإني نذير لكم) أي مُنذر مُخوف لكم من عذاب الله تعالى إن لم تؤمنوا به وأصررتم على شرككم هذا أُرسل إليكم من الله تعالى (بين يدي عذاب شديد) أي قُدام عذاب الله تعالى الشديد الذي سيَحُل بكم في الدنيا وفي الآخرة إن دمتم على شرككم هذا، و (سفح الجبل) بالسين عرضه وقيل أسفله وصفح الجبل بالصاد جانبه.

(قال) ابن عباس (فقال) عمُّهُ صلى الله عليه وسلم (أبو لهب) بن عبد المطلب (تبًا لك) أي قطعًا لك عن كل خير، وخُسرانًا لك في كل شيء (أما جمعتنا) بهمزة الاستفهام التقريري، وما نافية (إلا لهذا) الإنذار تكْذِبُ فيه (ثم قام) أبو لهب من ذلك المجلس (فنزلت هذه السورة) الكريمة فيه عقب قيامه، وقوله {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}) بدل من قوله هذه السورة، قال أبو أسامة (كذا) أي بزيادة حرف قد الدال على التحقيق (قرأ) شيخنا (الأعمش) حينما حدثنا هذا الحديث، وقوله (إلى آخر السورة) متعلق بنزلت أي نزلت إلى آخرها وتمامها، وعبارة النواوي قوله (كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة) معناه أن الأعمش زاد لفظة قد بخلاف القراءة المشهورة، وقوله إلى آخر السورة يعني أتم القراءة إلى آخر السورة كما يقرؤها الناس، وفي السورة لغتان الهمزة وتركه حكاهما ابن قتيبة والمشهور بغير همز كسُورِ البلد لارتفاعها ومَنْ هَمَزَهُ قال هي قطعة من القرآن كسُؤر الطعام والشراب وهي البقية منه، وفي أبي لهب لغتان قُرئ بهما فتح الهاء وإسكانها واسمه عبد العُزى، ومعنى تب: خسر، قال القاضي عياض: وقد استُدل بهذه السورة على جواز تكنية الكافر وقد اختلف العلماء في ذلك واختلفت الرواية عن مالك في جواز تكنية الكافر بالجواز والكراهة، وقال بعضهم: إنما يجوز من ذلك ما كان على جهة التآلف وإلا فلا، إذ في التكنية تعظيم وتوقير، وأما تكنية الله تعالى لأبي لهب فليست من هذا ولا حجة فيه إذ كان اسمه عبد العُزى وهذه تسمية باطلة فلهذا كَنَّى عنه، وقيل لأنه إنما كان يُعرف بها، وقيل إن أبا لهب لقب وليس

<<  <  ج: ص:  >  >>