للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصلاة والذي أحوجهم لتأويله أنه شغل كثير فروى ابن القاسم عن مالك أنه كان في النافلة وهذا تأويل بعيد فإن ظاهر الحديث الذي ذكره أبو داود يدل على أنه في الفريضة لقوله "بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر أو العصر خرج علينا حاملًا أمامة على كتفه ... " وذكر الحديث ورواه البيهقي أيضًا في السنن بنحوه [٢/ ٢٦٣] وعزاه للحميدي، ومعلوم أنه كان صلى الله عليه وسلم إنما كان يتنفل في بيته ثم يخرج لصلاة الفريضة فإذا رآه بلال خارجًا أقام الصلاة، وأيضًا ففي هذا الحديث قال أبو قتادة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس، وغالب عادته أنه إنما كان يؤم الناس في المسجد في الفريضة، وروى عن مالك أيضًا أشهبُ وابنُ نافع أن هذا للضرورة وإِذا لم يَجِدْ مَنْ يكفيه وأمَّا لِحُب الولد فلا، وظاهرُ هذا إجازته في الفريضة والنافلة، ورَوَى عنه أيضًا التنيسي أن الحديث منسوخ، قال أبو عُمر بن عبد البر: لعل هذا نُسخ بتحريم الحمل والاشتغال في الصلاة بغيرها، وقال الخطابي: يُشبه أن هذا كان منه صلى الله عليه وسلم على غير قصد وتعمدٍ، لكن الصبية تعلقت به لطول إِلْفها له وهذا باطل لقوله في الحديث خرج علينا حاملًا أمامة على عاتقه فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رأسه من السجود أعادها، والأشبه أنه كان لضرورة لم يقدر على أن ينفك عنها أو هو منسوخ والله تعالى أعلم اهـ من المفهم. وفي بعض هوامش المتون (قوله غير أنه لم يذكر أنه أم الناس في تلك الصلاة) وعن هذا اختلف في حمله صلى الله عليه وسلم أمامة أكان في النافلة أم في الفريضة وأيًا كان فهو كما قال العيني: لبيانِ الجواز عند الحاجة، وهو عمل غير متوال بوجود الطمأنينة في أركان صلاته، قالوا: وكان السر في ذلك هو الدفع لما كانت الحرب تألفه من كراهة البنات فخالفهم فيها حتى في الصلاة للمبالغة في رَدْعهم عما كانوا عليه والبيانُ بالفعل قد يكون أقوى من القول، وعن بعض أهل العلم أن فاعلًا لو فعل مثل ذلك لم أر عليه إعادة من أجل هذا الحديث وإن كنتُ لا أحب لأحد فعله اهـ. وفي هذا الحديث من الفقه جواز إدخال الصغار في المساجد إذا عُلم من عادة الصبي أنه لا يبول وأن ثيابه محمولة على الطهارة، وأن لمس النساء ليس بحدث، وأن حكم مَن لا تُشتَهى من النساء بخلافِ حكم من تُشتَهى منهن، وفيه تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشفقته، وجواز حمل ما لا يَشْغل في الصلاة شغلًا كثيرًا اهـ من المفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>