للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحَارِثِ)، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَأَلْتُ قَتَادَةَ عَنِ التَّفْلِ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ يَقُولُ: "التفلُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَة. وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا"

ــ

الحارث) بن عبيد الهجيمي أبو عثمان البصري، ثقة، من (٨) روى عنه في (١٢) بابا (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري، ثقة أمة، من (٧) (قال) شعبة (سألت قتادة) بن دعامة البصري (عن) حكم (التفل) والبزاق (في المسجد فقال) قتادة (سمعت أنس بن مالك) الأنصاري البصري (يقول) وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون، وغرضه بسوقه بيان متابعة شعبة لأبي عوانة، وفيه تنبيه على أن قتادة سمعه من أنس لأن قتادة مدلس فإذا قال: عن، لم يُتحقق اتصاله فإذا جاء في طريق آخر سماعه تحققنا به اتصال الأول (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التفل) بفتح التاء الفوقانية وإسكانها من تفل من بابي ضرب وقتل كما مر وهو البصاق (في المسجد خطيئة) أي ذنب (وكفارتها دفنها) في تراب المسجد أو رَملِه أو حَصَاتِهِ إن كان له ذلك وإلا فيخرجها، قال ابن مكي: إنما تكون خطيئة لمن تفل فيه ولم يدفنه لأنه يقذر المسجد ويتأذى به من تعلق به أو رآه كما جاء في الحديث الآخرة "لئلا يصيب جلد مؤمن أو ثوبه فيؤذيه" فأما من اضطر إلى ذلك فدفن وفعل ما أمر به فلم يأت خطيئة، وأصل التكفير التغطية فكان دفنها غطاء ما يتصور عليه من الذم والإثم لو لم يفعل، وهذا كما سميت تَحِلَّةُ اليمين كفارة ولَيسَتْ اليمين بمأثم فتكفره ولكن لما جعلها الشرع فسحة لعباده في حل ما عقدوه من أيمانهم ورفعها لحكمها سماها كفارة ولهذا جاز إخراجها قبل الحنث وسقوط حكم اليمين بها على الأصح من القولين، وقد دل على صحة هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر "ووجدت في مساوي أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن" فلم يثبت لها حكم السيئة لمجرد إيقاعها في المسجد بل بذلك وببقائها غير مدفونة اهـ قرطبي.

قال النواوي: وكون البزاق في المسجد خطيئة هو الصواب كما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال به العلماء، وقال القاضي عياض فيه كلامًا باطلًا حاصله: أن البزاق في المسجد ليس بخطيئة إلا في حق من لم يدفنه، وأما من أراد دفنه فليس بخطيئة، واستدل عليه بأشياء باطلة فقوله هذا غلط صريح مخالف لنص الحديث ولما قاله العلماء نبهت عليه لئلا يغتر به اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>