للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ. يَقُولُ: اللَّهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ. وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ

ــ

(بالله) سبحانه وتعالى (من أربع) أمور، قال القاضي عياض: تعليمه لهم الدعاء وحضهم عليه وفعله له يدل على مكانة الدعاء، وأن من أوقاته المرغب فيه إثر الصلاة، وفيه جواز الدعاء في الصلاة بما ليس من القرآن ومنعه أبو حنيفة اهـ، وفي هذا الحديث تعيين محل هذه الاستعاذة بعد التشهد الأخير وهو مقيد وحديثُ عائشة المروي في الصحيحين والسنن الآتي بعد هذا الحديث بلفظ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر) الحديث مطلقٌ فيُحمل عليه وهو يرد ما ذهب إليه ابن حزم من وجوبها في التشهد الأول وما ورد من الإذن للمصلي بالدعاء بما شاء بعد التشهد يكون بعد هذه الاستعاذة لقوله "إذا تشهد أحدكم" أي فرغ منه، وقوله (فليستعذ من أربع) استدل بهذا الأمر على وجوب الاستعاذة وقد ذهب إلى ذلك بعض الظاهرية، وفي السبل: والحديث دليل على وجوب الاستعاذة مما ذكر وهو مذهب الظاهرية وابن حزم منهم ويجب عنده أيضًا في التشهد الأول عملًا منه بإطلاق اللفظ المتفق عليه، وأمر طاوس ابنه بإعادة الصلاة لما لم يستعذ فيها فإنه يقول بالوجوبِ وبطلانِ الصلاة مِنْ تركها، والجمهور حملوه على الندب انتهى اهـ من العون قال ابن الملك: والأمر بالاستعاذة للاستحباب لقوله صلى الله عليه وسلم لابن مسعود حين علمه التشهد دلأ إذا قلت هذا، أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك" ولو كانت الاستعاذة واجبة لما تمت بدونها. (يقول) أحدكم في استعاذته منها (اللهم اني أعوذ) وألوذ وألتجئ (بك من عذاب جهنم) قُدِّمَ فإنه أشد وأبقى (ومن عذاب القبر) فيه رد على المنكرين لذلك من المعتزلة، والأحاديث في الباب متواترة (ومن فتنة المحيا والممات) مفعل من الحياة والموت، ويحتمل زمان ذلك لأن ما كان معتل العين من الثلاثي يأتي منه المصدر والزمان والمكان بلفظ واحد، قال ابن دقيق العيد: فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها والعياذ بالله تعالى سوء الخاتمة عند الموت، وفتنة الممات يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه ويكون المراد على هذا بفتنة المحيا ما قبل ذلك، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر، وقد صح أنهم يفتنون في قبورهم، وقيل أراد بفتنة المحيا الابتلاء مع زوال الصبر والرضا بالقدر وترك متابعة

<<  <  ج: ص:  >  >>