للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ. فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ. وَحَوَّلَ وَجْهَهُ. فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي. وَقَال: مِزْمَارُ الشَّيطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَقْبَلَ عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ. فَقَال: "دَعْهُمَا" فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا

ــ

وسلم) يوم عيد (وعندي جاريتان) أي دون البلوغ من جواري الْأَنصار إحداهما لحسان بن ثابت أو كلاهما لعبد الله بن سلام، اسم إحداهما حمامة واسم الأخرى زينب كما في الإرشاد (تغنيان) أي ترفعان أصواتهما (بغناء) أي بأشعار تقاولت به الْأَنصار يوم وقعة (بعاث) من فخر وهجاء، وبعاث اسم حصن وقع الحرب عنده بين الأوس والخزرج وكان به مقتلة عظيمة وكان النصر للأوس على الخزرج واستمرت المقتلة مائةً وعشرين سنة حتَّى جاء الإِسلام فألف الله بين قلوبهم ببركة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وقوله (فاضطجع على الفراش) معطوف على دخل (وحوّل وجهه) عن جهتهما إلى الجهة الأخرى للإعراض عن ذلك لأن مقامه يقتضي أن يرتفع عن الإصغاء إليه لكن عدم إنكاره يدل على تسويغ مثله على الوجه الذي أقره إذ أنَّه صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل، والأصل التنَزه عن اللعب واللهوفيقتصر على ما ورد فيه النص وقتًا وكيفيةً اهـ قسط (فدخل) علينا (أبو بكر) الصديق رضي الله عنه (فانتهرني) أبو بكر أي زجرني لتقديرها لها على الغناء، ولفظ البُخَارِيّ عن الزُّهْرِيّ (فانتهرهما) أي الجاريتين لفعلهما ذلك، والظاهر على طريق الجمع أنَّه شرّك بينهن في الزجر (وقال) أبو بكر (مزمار) -بكسر الميم وسكون الزاي- مشتق من الزمير وهو الصوت الذي له صفير، ويطلق على الصوت الحسن وعلى الغناء، والكلام على تقدير همزة الاستفهام الإنكاري أي أمزمار (الشيطان) وصوته يفعل (عند رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا من الصديق رضي الله عنه إنكار لما سمع معتمدًا على ما تقرر عنده من تحريم اللهو والغناء مطلقًا ولم يعلم أنَّه صلى الله عليه وسلم أقرهن على هذا القدر اليسير لكونه دخل فوجده مضطجعًا فظنه نائمًا فتوجه له الإنكار (فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) له يَا أَبا بكر (دعهما) أي دع الجاريتين واتركهما على غنائهما، وزاد في رواية هشام إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا، فعرّفه صلى الله عليه وسلم الحال مقرونًا ببيان الحكمة بأنه يوم عيد أي يوم سرور شرعي فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس، قالت عائشة (فلما غفل) أبو بكر عني بمحادثة الرسول صلى الله عليه وسلم (غمزتهما) أي أشرت إليهما بالعين أو الحاجب أن

<<  <  ج: ص:  >  >>