للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّهَا قَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى اللهُ عَلَيهِ وَسلمَ- يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِم تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ الله: إِنَّالله وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ. اللَّهُم أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيرًا مِنْهَا، إلا أَخْلَفَ الله لَهُ خَيرًا مِنْهَا"

ــ

(أنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما من مسلم) ولا مسلمة (تصيبه مصيبة) أي شدة وتنزل به في نفسه أو في أهله أو في ماله والمصيبة ما أصاب الإنسان من خير أو شر ولكن اللغة قصرها على الشر اهـ.

(فيقول) عندما أصابته (ما أمره الله) في ضمن مدح الصابرين بقوله في سورة البقرة {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} [البقرة: ١٥٦] قالوا (إنا لله) خلقًا وإيجادًا، (وإنا إليه راجعون) للمحاسبة والمجازاة فإن كل خصلة ممدوحة في الكتاب الكريم تتضمن الأمر بها كما أن المذمومة فيه تقتضي النهي عنها وقال عمر - رضي الله عنه -: نعم العدلان ونعم العلاوة {أُولَئِكَ عَلَيهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)} [البقرة: ١٥٧] كما في باب الصبر عند الصدمة الأولى من صحيح البخاري قال القرطبي: (فيقول ما أمره الله) هذا تنبيه على قوله {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: ١٥٥]، الآية مع أنه ليس فيها أمر بذلك القول وإنما تضمنت مدح من قاله فيكون ذلك القول مندوبًا والمندوب مأمور به أي مطلوب وإن جاز تركه وقال أبو المعالي: لم يختلف الأصوليون في أن المندوب مطلوب وإنما اختلفوا هل يسمى مأمورًا به قلت: وهذا الحديث يدل على أنه يسمى بذلك وقوله (إنالله وإنا إليه راجعون) كلمة اعتراف بالملك لمستحقه وتسليم له فيما يجريه في ملكه وتهوين للمصيبات بتوقع ما هو أعظم منها وبالثواب المرتب عليها وتذكير المرجع والمآل الذي حكم به ذو العزة والجلال (اللهم أجرني) أي أثبني وأعطني الأجر والثواب (في مصيبتي) أي على ما أصابني من المصائب والشدائد (واختلف لي) أي أبدل لي (خيرًا منها) أي مما أصابتني المصيبة فيه والمعنى أي ليس مسلم أصابته مصيبة في نفسه أو أهله أو ماله فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني على مصيبتي وأبدل لي خيرًا منها (إلا أخلف الله) أي إلا أبدل الله سبحانه (له) أي لذلك القائل (خيرًا منها) أي أفضل مما أصابته المصيبة فيه إن كان مما يخلف كالولد والأهل والمال.

قوله: (اللهم أجرني) كذا بهمزة واحدة وهو أمر من أجره الله إذا أعطاه أجرًا وثوابًا فهمزة الوصل المجلوبة لصيغة الأمر أسقطت كما أسقطت في نحو (فأتنا) كراهة توالي المثلين وبابه نصر وضرب فيجوز في الجيم الضم والكسر والأول أكثر وذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>