للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإِمَامُ الْعَادِلُ. وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ الله. وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ

ــ

(سبعة يظلهم الله في ظله عرشه) فذكر الحديث وإذا كان المراد ظل العرش استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس فهذا أرجح وبه جزم القرطبي ويؤيده أيضًا تقييد ذلك بيوم القيامة كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر وهو عند البخاري في كتاب الحدود اهـ.

الأول منهم: (الإمام العادل) أي الذي يتبع أمر الله وشرعه بوضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط والمراد به صاحب الولاية العظمى ويلتحق به كل من ولي شيئًا من أمر المسلمين فعدل فيه ويؤيده ما رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو ورفعه: (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) وقدمه في الذكر لعموم النفع به لأن نفعه كثير ومتعد إلى غيره والخير المتعدى أولى من غيره اهـ مبارق.

(و) الثاني: (شاب نشأ) أي نبت ونما وتربى ملتبسًا (بعبادة الله) سبحانه وتقواه مصاحبًا بها وخص الشاب لكونه مظنة غلبة الشهوة من قوة الباعث على متابعة الهوى فإن ملازمة العبادة مع ذلك أشد وأدل على غلبة التقوى زاد حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر: (حتى توفى على ذلك) أخرجه الجوزقي وفي حديث سلمان (أفنى شبابه ونشاطه في عبادة الله تعالى).

قال القرطبي: قوله: (شاب نشأ بعبادة الله) كذا الرواية: (بعبادة الله) بالباء وهذه الباء هي باء المصاحبة كما تقول: جاء زيد بسلاحه أي مصاحبًا لها ويحتمل أن تكون بمعنى في كما قد تكون في بمعنى الباء في مثل قوله تعالى {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: ٢١٠] ونشأ نبت وابتدأ أي لم يكن له صبوة وهو الذي قال فيه في الحديث الآخر (يعجب ربك من صبي ليست له صبوة) رواه أحمد (٤/ ١٥١) وإنما كان كذلك لغلبة التقوى عليه التي بسببها ارتفعت الصبوة اهـ من المفهم.

(و) الثالث: (رجل قلبه معلق بالمساجد) أي يحب الكون فيها للصلاة والذكر وقراءة القرآن وهذا إنما يكون ممن استغرقه حب الصلاة والمحافظة عليها وشغف بها اهـ مفهم.

قال النواوي: معناه شديد الحب لها والملازمة للجماعة فيه وليس معناه دوام القعود في المسجد اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>