للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإنهم مُتَّفِقُونَ على أنَّه لا يُحْتَجُّ بالضعيف في الأحكامِ، وإنْ كان لا يَعْرِفُ ضَعفَه .. لم يَحِلَّ له أن يهجمَ على الاحتجاج به من غير بَحْثٍ عليه بالتفتيش عنه إن كان عارفًا أو بسؤال أهل العلم به إنْ لم يكن عارفًا، والله أعلم.

الرابعة: في بيان أصناف الكاذبين في الحديث وحكمهم، وقد نقحها القاضي عياض (١) رحمه الله تعالى فقال: "الكاذبون ضَرْبان:

أحدهما: ضَرْبٌ عُرِفُوا بالكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أنواع: منهم مَنْ يَضَعُ عليه ما لم يَقُلهُ أصلًا: إما تراقعًا واستخفافًا كالزنادقة وأشباههم ممن لم يَرْجُ للدِّين وقارًا، وإمَّا حِسْبَةً بزعمهم وتدينًا كجهلة المتعبِّدين الذين وَضَعُوا الأحاديثَ في الفضائل والرغائب، وإمّا إغرابًا وسمعةً كفسقة المحدِّثين، وإمّا تعصُّبًا واحتجاجًا كدعاة المبتدعة ومتعصبي المذاهب، وإمَّا اتباعًا لهوى أهل الدنيا فيما أرادوه وطلبِ العذرِ لهم فيما أتوه، وقد تعيَّن جماعةٌ من كل طبقة من هذه الطبقات عند أهل الصنعة وعلمِ الرجال.

ومنهم من لا يضع مَتْن الحديث ولكن ربما وضع للمتن الضعيف سندًا صحيحًا مشهورًا، ومنهم من يَقْلِب الأسانيدَ أو يزيدُ فيها، ويتعمَّد ذلك، إمَّا للإغراب على غيره، وإمَّا لرفعِ الجهالة عن نفسه.

ومنهم من يَكذِبُ فيدَّعي سماع مَا لم يسمع ولقاءَ مَنْ لَمْ يَلْقَ ويُحدِّث بأحاديثهم الصحيحة عنهم.

ومنهم من يعمدُ إلى كلام الصحابة وغيرهم وحِكَمِ العرب فينسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وهؤلاء كُلُّهم كذابون متروكو الحديث، وكذلك من تجاسر بالحديث بما لم يحققه ولم يضبطه أو هو شاكٌّ فيه .. فلا يُحَدِّث عن هؤلاء ولا يقبل ما حدَّثُوا به، ولو لم يَقَعْ منهم ما جاؤوا به إلَّا مرة واحدة كشاهد الزُّور إذا تَعَمَّدَ ذلك .. سَقَطَتْ شهادته.


(١) "إكمال المعلم" (١/ ١٥٣ - ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>