للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتَسْقِيمِهَا بِقَوْلٍ لَوْ ضَرَبْنَا عَنْ حِكَايَتِهِ وَذِكْرِ فَسَادِهِ صَفْحًا .. لَكَانَ رَأْيًا مَتِينًا وَمَذْهَبًا صَحِيحًا؛

ــ

(وتَسْقِيمِها) وتمريضها: متعلِّقٌ بـ (تَكَلَّم)، وكذلك قولُه: (بقَوْلٍ) بديعٍ وكلامٍ مختَرعٍ: متعلِّقٌ بـ (تكَلَّم).

وجملةُ لو الشرطيةِ مع جوابها في قوله: (لو ضَرَبْنا) وأَعْرَضْنا (عن حكايتِهِ) وإيرادِ لفظِه: صفةُ لـ (قَوْلِ)، والحكايةُ لغةً: المماثلةُ، واصطلاحًا: إيرادُ اللفظِ المسموع بهيئته وصفته بلا تغييرٍ كما ذكره الخُضَري في باب الحكاية؛ أي: تَكَلَّمَ بِقَوْلٍ موصوفٍ بقولنا لو ضَرَبْنا وصَفَحْنا وأَعْرَضْنا عن حكاية ذلك القول وإيراد لفظه (وذِكْرِ فَسَادِهِ) أي: فساد معني ذلك القول ومُقْتَضَاه، وقوله: (صَفْحًا) أي: إعراضًا مصدرٌ معنويٌّ لقوله: (ضرَبْنَا) كقولهم: قعدتُ جلوسًا وقمتُ وقوفًا، وفي "المختار": وصَفَح عنه: أعرض عن ذنبه، وبابُه قطع، وضرَبَ عنه صَفْحَا أعرض عنه وتركه. اهـ

وفي التنزيل: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الْذِّكْرَ صَفْحًا}.

وقال النووي: (كذا هو في الأصول: "ضَرَبْنَا"، وهو صحيح وإن كان لُغَةً قليلةً، قال الأزهريُّ: يُقال: ضربْتُ عن الأمر وأَضْرَبْتُ عنه بمعنى كَفَفْتُ وأَعْرَضْتُ، والمشهورُ الَّذي قاله الأكثرون: أضربت بالألف) اهـ (١).

وقولُه: ( .. لكان رَأْيًا متينًا) أي: قَويًّا (ومَذْهَبًا صحيحًا) أي: غيرَ فاسدٍ - جوابُ لو الشرطية، واللامُ رابطةُ الجواب بالشرط، يُقال: رأى في الفقه رأيًا إذا قال فيه باجتهاده من غير دليل، فالرَّأْيُ: القولُ بالاجتهاد، ويقال: متُن الشيء إذا صلب، وبابه ظرف، فهو متين؛ أي: صُلْبٌ قوي، ومَتْنا الظهر: مُكْتَنِفا الصلبِ عن يمين وشمال من عصب ولحم، يُذكر ويُؤنث. اهـ "مختار".

والمذهبُ: الطريقُ، يُقال: ذَهَب يَذْهَب من باب قَطَعَ ذهابًا وذُهوبًا ومَذْهبًا بفتح الميم إذا مرَّ، والمذهبُ لغةً: الممرُّ والطريقُ، واصطلاحًا: حُكْمٌ مخصوصٌ لقومٍ مخصوصين اتفقوا عليه وذهبوا إليه.


(١) "شرح صحيح مسلم" (١/ ١٢٨ - ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>