للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُلْتُ: بَلَى. يَا نَبِيَّ اللهِ! وَلَمْ أُرِدْ بِذلِكَ إلا الْخَيرَ. قَال: "فَإِن بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثةَ أَيَّامٍ" قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ. قَال: "فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيكَ حَقًّا. وَلِزَوْرِكَ عَلَيكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيكَ حَقًّا" قَال:

ــ

فالأمر كما أخبرت (يا نبي الله ولم أرد بذلك) العمل (إلا الخير) أي إلا رضا الله تعالى، لا تفويت حق من الحقوق التي عليّ، وفيه جواز تحدث المرء بما عزم عليه من فعل الخير فـ (قال) لي النبي صلى الله عليه وسلم لا تحمِّل نفسك ما لا تطيق (فإن بحسبك) الباء زائدة في اسم إن أو خبرها مقدمًا، وجملة (أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام) خبرها أو اسمها مؤخرًا، والمعنى على الأول فإن كافيك عن ذلك صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وعلى الثاني فإن صوم ثلاثة أيام من كل شهر كافيك عن ذلك (قلت) له صلى الله عليه وسلم (يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك) أي أكثر من المذكور من صوم ثلاثة أيام من كل شهر (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (فإن لزوجك) وأهلك (عليك حقًّا) فلا ينبغي لأحد أن يُجهد نفسه في العبادة حتى يضعف عن القيام بحقها من جماع واكتساب، واختلف العلماء فيمن كف عن جماع زوجته، فقال مالك إن كان بغير ضرورة أُلزم به أو يُفرّق بينهما، ونحوه عن أحمد، والمشهور عند الشافعية أنه لا يجب عليه، وقيل يجب مرة، وعن بعض السلف في كل أربع ليلة، وعن بعضهم في كل طهر مرة كذا في الفتح (ولزورك عليك حقًّا) بفتح الزاي وسكون الواو أي لضيفك، والزور مصدر وُضع موضع الاسم كصوم في موضع صائم، ونوم في موضع نائم، ويقال للواحد والجمع والذكر والأنثى زور، قال ابن التين: ويحتمل أن يكون زور جمع زائر كركب جمع راكب وتجر جمع تاجر، قال القاضي عياض: وحق الزور وهو الضيف في خدمته وتأنيسه بالحديث أي لضيفك ولأصحابك الزائرين حق عليك وأنت تعجز بسبب توالي الصيام والقيام عن القيام بحسن معاشرتهم (ولجسدك عليك حقًّا) قال العيني: وليس المراد بالحق ها هنا بمعنى الواجب بل المراد مراعاته والرفق به كما يقال له حق الصحبة على فلان يعني مراعاته والتلطف به فالصائم المتطوع ينبغي أن يراعي جسمه بما يقيمه ويشده لئلا يضعف فيعجز عن أداء الفرائض فأما إذا خاف التلف على نفسه أو عضو من أعضائه التي يضرها الجوع فحينئذ يتعين عليه أداء حقه حتى في صوم الفرض أيضًا هـ فتح الملهم (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (فصم صوم داود نبي الله صلى الله عليه وسلم) وفي الكلام اختصار فإنه صلى الله عليه وسلم بلغ إلى صوم داود بعد مراجعات كثيرة كما نبهنا عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>