للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَمَرَنِي بِهذَا. وإن كُنْتَ طَلقْتَهَا ثَلاثًا فَقَد حَرُمَت عَلَيكَ حَتى تَنكِحَ زَوْجا غَيرَكَ. وَعَصيتَ اللهَ فِيمَا أَمَرَكَ مِن طَلاقِ امرَأَتِكَ.

قَال مُسلِمٌ: جَودَ الليثُ فِي قَولِهِ: تَطلِيقَةً وَاحِدَةً

ــ

المحذوف، والتقدير إن كنت طلقت امرأتك طلقة أو طلقتين فراجعها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرني بهذا) أي بالرجعة (وإن كنت طلقتها ثلاثًا فقد) بانت منك فلا رجعة لك عليها و (حرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك) وجامعها وطلقها ثلاثًا فتعتد من طلاقه فيكون محللًا لك (وعصيت الله) تعالى أي خالفته (فيما أمرك) به (من طلاق امرأتك) في حالة الطهر حيث قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أي في زمن استقبال عدتهن وهو حالة الطهر فأنت طلقتها في حالة الحيض فليس طلاقك طلاق السنة بل هو طلاق البدعة الذي كان حرامًا (قال) الإمام (مسلم) رحمه الله تعالى: (جود الليث) بن سعد (في) رواية الحديث و (قوله) أي زيادته على غيره لفظة (تطليقة واحدة) يعني أنه حفظ وأتقن قدر الطلاق الذي طلق به ابن عمر امرأته وعدده الذي لم يتقنه ولم يحفظه غيره أي لم يهمله كما أهمله غيره ولا غلط فيه وجعله ثلاثًا كما غلط فيه غيره، وقد تظاهرت رواية مسلم بأنها تطليقة واحدة اهـ من بعض الهوامش.

قال القرطبي: قوله: (إما أنت طلقت امرأتك) هو بكسر الهمزة كقوله:

أبا خراشة إما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع

أي إن كنت فحذفوا الفعل الذي يلي (إن) الشرطية وجعلوا (ما) الزائدة عوضًا منه وأدغموا (إن) في (ما) ووضعوا (أنت) مكان (التاء) في (كنت) هذا قول النحويين فقد ظهر مما ذكره القاضي والقرطبي أن (أما) فيه روايتان فتح الهمزة كما ذكره القاضي وكسرها كما ذكره القرطبي.

وقوله: (وعصيت ربك) يعني بالطلاق ثلاثًا في كلمة واحدة وظاهره أنه حرام وهو قول ابن عباس المشهور عنه وعمر بن الخطاب وعمران بن حصين وإليه ذهب مالك، وقال الكوفيون: إنه غير جائز وإنه للبدعة، وقال الشافعي: له أن يطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا كل ذلك سنة، ومثله قال أحمد بن حنبل إلا أنه قال أحب إليّ أن يوقع واحدة وهو الاختيار، والأول أولى لما يأتي إن شاء الله تعالى.

وقوله: (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا) إشارة إلى أمره صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>