للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يغاير المُعَلّل مِن حيثُ إِنَّ المعلّلَ وُقِفَ على علّتِه الدَّالةِ على جهة الوَهَم فيه، والشاذَّ لم يُوقَفْ فيه على ذلك) (١).

قال ابنُ الصلاح: (أمَّا ما حَكَمَ بهِ الشافعيُّ بالشذوذ. . فلا إِشكال في أنه شاذٌ غيرُ مقبول، وأمَّا ما حُكِيَ عن غيرهِ. . فيُشكل بما يَنْفَرِدُ به العَدْلُ الحافظُ الضابطُ كحديث: "إِنما الأعمال بالنيات"؛ فإنه حديثٌ قد تَفَرَّدَ بهِ عُمَرُ بن الخَطَّاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تَفَرَّد به عن عُمَرَ: علقمةُ بن وَقَّاص، ثم عن علقمة محمدُ بن إِبراهيم، ثم عنه يحيى بن سعيد) (٢).

فهذا وأشباهُهُ يُبيِّنُ لك أنه ليس الأمرُ في ذلك على الإِطلاق الذي أَتَى به الخليليُّ والحاكمُ، بل الأمرُ في ذلك على تفصيلِ نُبَيِّنُه فنقول:

إِذا انفردَ الراوي بشيءٍ. . يُنْظَرُ فيه:

فإِنْ كان ما انْفَرَدَ به مخالفًا لما رواه مَنْ هو أَوْلَى منه بالحفظِ لذلك وأضبط. . كان ما انفردَ به شاذًّا مردودًا.

وإِنْ لم تَكُنْ فيه مخالفةٌ لما رواه غيرهُ، وإِنما هو أمرٌ رواه هو ولم يَرْوه غيرُه. . فيُنْظَر:

فإنْ كان عَدْلًا حافظًا موثوقًا بإِتقانهِ وحفظهِ. . قُبِلَ ما انْفَرَدَ بهِ، ولم يَقْدَح الانفرادُ فيه.

وإِنْ لم يَكُنْ ممَّنْ يُوثَقُ بحِفْظِهِ وإِتقانهِ لذلك الذي انْفَرَدَ به. . كان انفرادُهُ به مُزَحْزِحًا له عن حَيِّزِ الصحيح.

ثمَّ هو بعدَ ذلك دائرٌ بين مراتبَ متفاوتةِ بحَسَبِ الحال فيه، فإن كان المنفردُ به غيرَ بعيدٍ من درجة الحافظِ الضابط المقبولِ تفرُّده. . اسْتَحْسَنَّا حديثَه ذلك، ولم نَحُطَّهُ إِلى قَبيل الحديث الضعيف، وإِنْ كان بعيدًا من ذلك. . رَدَدْنا ما انْفَرَدَ به، وكانَ من قَبيلِ الشاذّ المنكر.


(١) "معرفة علوم الحديث" (ص ١١٩).
(٢) "علوم الحديث" (ص ٦٩ - ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>