للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ " قَال: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "فَإنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا"، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثم قَال: "يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ"؛ قُلْتُ: لَبَّيكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيكَ، قَال: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى الله إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ " قَال: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَال: "أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ"

ــ

الثالثة (هل تدري) وتعلم يا معاذ (ما حق الله على العباد) أي ما يحق ويجب لله سبحانه على عباده المكلفين، وما استفهامية في محل الرَّفع مبتدأ، وحق الله خبرها، والجملة الاسمية سادة مسد مفعولي درى لأنها علقت عنها باسم الاستفهام والكلام على حذف مضاف؛ أي هل تدري جواب ما حقيقة حق الله على العباد لأنَّ (ما) يُسئل بها عن الحقيقة (قال) معاذ (قلت الله ورسوله أعلم) سلوكًا مسلك التأدب معه صَلَّى الله عليه وسلم (قال) رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مبينًا له (فإن حق الله) سبحانه وتعالى (على العباد) والفاء في قوله فإن حق الله فاء الفصيحة لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره إذا فوضت العلم إلى الله ورسوله وأردت بيانه لك فأقول لك إن أصل وأساس ما يجب لله تعالى على عباده (إن يعبدوه) أي أن يفردوه بالعبادة (ولا يشركوا به) سبحانه (شيئًا) من المخلوقات أو شيئًا من الإشراك كما مر نظيره (ثم سار) صَلَّى الله عليه وسلم (ساعة) أي زمنًا قليلًا (ثم قال يا معاذ بن جبل قلت لبيك رسول الله وسعديك قال) لي (هل تدري) وتعلم (ما حق العباد) أي جواب ما حقيقة ما يجب ويثبت للعباد (على الله) سبحانه وتعالى بمقتضى وعده ومحض فضله (إذا فعلوا ذلك) الواجب لله سبحانه عليهم وأدوه فعلًا كان أو قولًا أو اعتقادًا (قال) معاذ (قلت الله ورسوله أعلم قال) صَلَّى الله عليه وسلم مبينًا له حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك (إن لا يعذبهم) في الآخرة بالنار، في حق من كان بريئًا من الكبائر أو تاب عنها أو عفا الله عنها وأن لا يخلدهم في العذاب في حق من لم يكن كذلك.

قال الأبي: (قوله هل تدري ... إلى آخره) هو استفهام حقيقة، وحق الله تعالى على العباد ما أوجبه عليهم، من حق الشيء إذا ثبت وحقهم عليه هو ما وجب لهم شرعًا بوعده الصادق لا بالعقل كما تقوله المعتزلة، ويحتمل أنَّه من مجاز المقابلة كـ (مكروا ومكر الله)، إذ لا يجب عليه تعالى شيء، قوله (ولا يشركوا به) قال بعضهم: إنه إشارة إلى الإخلاص اهـ منه قال القرطبي: وحق الله على عباده ما أوجبه عليهم بحكمه وألزمهم

<<  <  ج: ص:  >  >>