للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى أللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يَقُولُ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا .. فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ .. فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ .. فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ"

ــ

تقريبًا، وهذان السندان من سداسياته الأول منهما رجاله كلهم كوفيون إلا أبا سعيد الخدري فإنه مدني، وأما السند الثاني فرجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان وواحد مدني.

ثم استدل أبو سعيد الخدري على إنكار ما فعله مروان بقوله فإني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى) وعرف (منكم) أيتها الأمة (منكرًا) أي أمرًا أنكره الشرع لمضادته قواعده إما برؤيته أو بسماعه (فليغيره) أي فليزل ذلك المنكر إن قدر على إزالته (بيده) إن كان يحتاج في إزالته إلى اليد ككسر أواني الخمر وإراقتها، وكسر آلات الملاهي، ومنع الظالم من الضرب أو القتل (فإن لم يستطع) ولم يقدر على إزالته بيده (فـ) ـليزله (بلسانه) أي بقوله بوعظ الظالم وتذكيره مثلًا (فإن لم يستطع) ويقدر على إزالته بلسانه (فـ) ـليزله (بقلبه) أي فليكرهه بقلبه، ويعزم أن لو قدر على إزالته لأزاله (وذلك) التغيير بالقلب (أضعف الإيمان) أي أدنى خصال الإيمان في إزالة المنكر، والإيمان بمعنى الإسلام كما في القرطبي.

(قوله فليغيره) قال القرطبي هذا الأمر للوجوب لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات الإيمان ودعائم الإسلام بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، ولا يعتد بخلاف الرافضة في ذلك، لأنهم إما مُكفَّرُون فليسوا من الأمة، وإما مبتدعون فلا يعتد بخلافهم، لظهور فسقهم على ما حققناه في الأصول ووجوب ذلك بالشرع لا بالعقل، خلافًا للمعتزلة القائلين بأنه واجب بالعقل، وقد بينا في الأصول أنه لا يجب شيء بالعقل، وإنما العقل كاشف عن ماهيات الأمور ومميز لها لا موجب شيئًا منها.

ثم إذا قلنا إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب فذلك على الكفاية من قام به أجزأه عن غيره لقوله تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١٠٤] ولوجوبه شرطان: أحدهما: العلم بكون ذلك الفعل منكرًا أو معروفًا، والثاني: القدرة على التغيير فإذا كان كذلك تعين التغيير باليد إن كان ذلك المنكر مما يحتاج في تغييره إليها مثل كسر أواني الخمر وآلات اللهو كالمزامير

<<  <  ج: ص:  >  >>