للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ،

ــ

وقيل كان عند الإشارة بالمدينة ويؤيده أن كونه بالمدينة كان غالب أحواله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فتكون الإشارة إلى سُبّاق أهل اليمن أو إلى القبائل اليمنية الذين وفدوا على أبي بكر لفتح الشام وأوائل العراق، وإليهم الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: "إني لأجد نَفَسَ الرحمن من قبل اليمن" أي نصره في حياته وبعد مماته، ولكن قال العراقي: لم أجد لهذا الحديث أصلًا.

(وإن القسوة) أي قسوة القلوب وصلابتها ويبوستها، وعدم لينها لقبول الموعظة والتذكرة، والقسوة ضد اللين، فتكون القسوة في الحجر كما أن اللين في المدر (وغلظ القلوب) أي عدم فهمها للموعظة، والغلظة ضد الرقة كما تراهما في جلد الجمل والسخلة، وقيل هما بمعنى واحد قال القرطبي: القسوة وغلظ القلوب اسمان لمسمى واحد، وهو نحو قوله تعالى {قَال إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦] والبث هو الحزن ويحتمل أن يقال: إن القسوة يراد بها أن تلك القلوب لا تلين لموعظة ولا لتذكار، وغلظها أن لا تفهم ولا تعقل، وهذا أولى من الأول انتهى.

قال (ب) وللحكماء فيهما تفاسير، وهما هنا كناية عن بعدهم عن الاعتبار، وأن العظة لا تؤثر فيهم اهـ.

(في الفدادين) بالتشديد لا غير كما قاله الأصمعي وغيره، أي أن الغلظة والقسوة في قلوب الفدادين أي المصوتين (عند أصول أذناب الإبل) سوقًا لها، وحدوًا بها الملازمين لها، من فدّ الرجل يفد فديدًا من باب حنَّ إذا رفع صوته، يقال رجل فداد رفيع الصوت، قال (ط) والفدادون مشدد الدال جمع فداد، قال أبو عبيد: هم المكثرون من الإبل وهم جفاةٌ أهل خيلاء، واحدهم فَدَّاد وهو الذي يملك من المئين إلى الألف، وقال أبو العباس: هم الجمالون والبقَّارون والحمَّارون والرعيان، وقال الأصمعي: هم الذين تعلوا أصواتهم في حروثهم وأموالهم ومواشيهم، قال والفديد الصوت، وأما الفدادون بتخفيف الدال فهي البقر التي تحرث واحدها فدَّان بالتشديد، وإنما خص الإبل لأنها أكثر مال العرب وأهلها أهل جفاء، وقد يكون الجفاء والقسوة من طبيعة هؤلاء، ويكون وصفهم بأنهم أصحاب إبل كالتعريف لهم، وقوله: "حيث يطلع قرنا الشيطان" تعيين لمواضعهم كما قال في الرواية الأخرى: "رأس الكفر قبل المشرق" قال (ع) يعني المشرق، ويعني بالمشرق نجدًا، لأنها تكون من المدينة شرقًا، وكذلك هي من تبوك

<<  <  ج: ص:  >  >>