للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاتحاد (١) كالنصارى (٢)، فليس في خطاب الله المطلق تنزيل أحد منزلة نفسه في الأفعال، ولا تنزيل نفسه في الأفعال والأوصاف منزلتهم، بل هو إله واحدٌ لا شريك له، وكل من في السموات والأرض آتيه عبداً {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)} [مريم: ٩٤ - ٩٥].

ومن قال (٣): إن الرب منزل (٤) المخلوق منزلة نفسه في الأفعال، أو يَنْزِلَ هو منزلة المخلوق في الأفعال والأوصاف فقد زعم أن الله -سبحانه- يجعل له نداً، وأنه يقيم المخلوق مقامه في الخلق والرزق والإحياء والإماتة وإجابة الدعاء وكونه معبوداً، وأنه يقوم مقام العبد في الصلاة والصيام والطواف وغير ذلك من أفعال العباد -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- قال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧)} [النحل: ١٧].

ومن أخص أوصاف الرب تعالى القدرة على الخلق والاختراع، فليس ذلك


= وغالية النساك، الذين يقولون بالحلول في الأولياء.
الثاني: الحلول العام، وهو قول متقدمي الجهمية، وغالب متعبدة الجهمية، انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٢/ ١٧١ - ١٧٢.
(١) الاتحاد: معناه تصيير الذاتين واحدة، وهو حال الصوفي الواصل، وعند الصوفية قيل: هو شهود وجود واحد مطلق من حيث إن جميع الأشياء موجودة بوجود ذلك الواحد، معدومة في أنفسها، لا من حيث إن لما سوى الله وجوداً خاصاً به يصير متحداً بالحق، وقيل: غير ذلك. انظر: معجم مصطلحات الصوفية للحفني ص ٩ - ١٠.
وقد قسمهم ابن تيمية أيضاً إلى قسمين الأول: من يقول بالاتحاد الخاص، وهو قول يعقوبية النصارى، ومن وافقهم من الغلاة المنتسبين للإسلام.
الثاني: الاتحاد العام وهو قول من يقول: إن عين وجود الله، هو عين وجود الكائنات، وهو قول ابن عربي وأمثاله من أهل الوحدة. انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ٢/ ١٧٢.
وبعض الباحثين يجعل الحلول والاتحاد شيئاً واحداً، والصواب التفريق بينهما.
انظر: نظرية الاتصال عند الصوفية في ضوء الإسلام، تأليف سارة بنت عبد المحسن آل سعود ص ٣٣ - ٣٥ الطبعة الأولى ١٤١١ هـ الناشر دار المنارة جدة.
(٢) كذا في الأصل و (ح) وسقطت من (ف) وفي هامش (د) في نسخة (كالنصارى).
(٣) في هامش (د) في نسخة (زعم).
(٤) في (د) و (ح) ينزل.

<<  <   >  >>