للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)} [المعارج: ١٩ - ٢١]، ولا يوصف الله بالهلع والجزع، وجماع الأمر أن الله لا يوصف بمخلوقاته، وهذه هي أدلة السلف وأهل السنة؛ على أن كلام الله غير مخلوق، قالوا: لأنه -سبحانه- لا يوصف بما خلقه في غيره، فإذا خلق في غيره حركة أو طعماً (١) أو ريحاً أو لوناً كالسواد والبياض؛ لم يوصف بأنه المتحرك بها، ولا بأنه متروح أو أبيض أو أسود، (وإذا خلق في غيره سمعاً وبصراً وحياة أو قدرة لم يوصف بذلك) (٢)، وإذا خلق في غيره كلاماً لم يوصف بأنه هو المتكلم به، ويُعبرون عن ذلك بأن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل؛ ولم يعد على غيره، [واشتق] (٣) لذلك المحل منه اسم ولم يشتق لغيره، فإذا خلق في محل حركة أو علماً أو قدرة كان ذلك المحل هو المتحرك العالم القادر لا الخالق لتلك الصفة فيه.

وأورد المعتزلة نقضاً (٤) على هذا صفات الأفعال، فقالوا: هو عادل بعدلٍ خَلَقَه في غيره.

فأجاب أئمة السلف وجمهورهم بطرد الدليل بناء على أن الفعل غير المفعول، واستدل الإمام أحمد وغيره بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أعوذ بكلمات الله التامات" (٥)، قالوا: وهو لا يستعيذ بمخلوق، وطرد هذا قوله: "اللهم إني


(١) (طعماً) سقطت من (د) و (ف).
(٢) ما بين القوسين سقط من (د).
(٣) كذا في (د) و (ف) وفي الأصل وشتق.
(٤) في (د): نقصاً.
(٥) أخرجه مسلم في (كتاب الذكر والدعاء، باب التعوذ من سوء القضاء) ٤/ ٢٠٨٠ رقم ٢٧٠٨، وأوله: "من نزل منزلاً ثم قال: ... الحديث"، واستدل به البخاري في خلق أفعال العباد والرد على الجهمية ص ٨٩، وابن خزيمة في كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب -عز وجل- تحقيق د. عبد العزيز الشهوان ١/ ٤٠٠ (الطبعة الثالثة ١٤١٤ هـ الناشر مكتبة الرشد الرياض)، والإمام عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية تقديم وتعليق بدر البدر ص ١٤٩ (الطبعة الأولى ١٤٠٥ هـ، الناشر الدار السلفية حولي - الكويت)، ونقله الخطابي في معالم السنن عن الإمام أحمد.

<<  <   >  >>