للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمرض، فلم يكن تلبيس لا من جهة السمع؛ ولا من جهة العقل، بل المتكلم بيّن فيه مراده، والمستمع (١) لم يشتبه عليه، بخلاف ما إذا أضيف [الفعل] (٢) إلى (٣) العبد الذي يمكن منه الفعل؛ الفعل قد قام به، فإنه إذا جعل فعله فعل الرب لم يعقل هذا؛ إلا إذا أريد أنه خالقه، و [إذا] (٤) أريد ذلك فالصواب أن يقال فعل العبد مخلوق للرب ومفعول له، لا يطلق أنه فعله لما فيه من التلبيس؛ ولما فيه من نفي فعل الرب؛ ولما فيه من نفي كون العبد فاعِلًا، ثم إنه لا فرق في ذلك [بين المقربين وغير المقربين بهذا الاعتبار] (٥).

بل قد قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣)} [مريم: ٨٣]، كما قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [نوح: ١] ونوح محمود مقرب، والشياطين أعداء لله، وقال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (٥)} [الإسراء: ٥]، كما قال تعالى: {بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ٢]، [وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ}] (٦) [النحل: ٣٦]، كما أنه يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، فيخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن، وقد خلق المؤمن والكافر، والبر والفاجر، وخلق النبات والدواب كلها طيبها وخبيثها، فجهة الخلق عامة شاملة، فلو كان قوله: "يبايعونك" وقوله: "ولكن الله رمى" من الخلق الشامل والقيومية العامة؛ للزم أن يقال مثل ذلك في كل مبايعٍ ورامٍ، وإن كان من الكافرين، ولم يكن في ذلك خاصّة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ولا فضل له على أحدٍ من المخلوقين.


(١) في (د) (له).
(٢) كذا في (د) و (ف) و (ح) وفي الأصل (العقل).
(٣) (إلى) سقطت من (د).
(٤) كذا في (د) وفي الأصل و (ف) و (ح) (لأنه).
(٥) ما بين المعقوفبن من (د) و (ح)، وفي الأصل و (ف) (هذا الاعتبار بين المقربين).
(٦) كذا في (د) و (ت)، والآية سقطت من الأصل و (ف) و (ح).

<<  <   >  >>