للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّما بايعت الله وواجرت الله وشاركت الله، ويقال للذي استغاث بموسى الّذي قال الله فيه: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّه} [القصص: ١٥]، إنّه لم يستغث بموسى وإنَّما استغاث الله، ويقال لمن استنصر المؤمنين الذين (١) قال الله فيهم: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: ٧٢]، إنّما استنصروا الله والنصر على الله، ويقال في قوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢]، [إنّما استعانوا الله] (٢) والله يُعين، وقد خاطبني مرّة شيخ من شيوخ هؤلاء الضلال، لما قدم التتار (٣) -آخر قدماتهم- وكنت أُحرض الناس على جهادهم، فقال لى هذا الشّيخ: أُقاتل الله، فقلت له: هؤلاء التتار هُم الله، وهم من شر الخلق؟ (٤) إنّما هم عباد الله خارجون عن دين الله، وإن قدّر أنّهم كما يقولون فالذي يقاتلهم هو الله، ويكون الله يقاتل الله، وقول هذا الشّيخ لازم لهذا وأمثاله.

الوجه العاشر: أن يقال إذا كان الأمر كما ذكرته من شهود القيوميّة فأي مدح في هذا للرسول - صلّى الله عليه وسلم -، وأي فائدة في هذا القول، أو ترى الصدّيق والصحابة ما كانوا يقرون بأن الله رب كلّ شيء ومليكه وأن العبد لا يمكنه أن يفعل شيئًا إِلَّا بمشيئة الله -تعالى- وقدرته.


(١) (الذين) سقطت من (ف).
(٢) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق كما في (ط) بها وفي الأصل و (ف) و (د) و (ح) و (ت) واتقوا.
(٣) التتار هم بدو الترك ويطلق عليهم المغول، وتختلف لغتهم عن لغة الترك، ويعرفوذ بالصينية (تاتا)، موطنهم منغوليا جنوب شرق سيبريا على حدود الصين، وبلادهم اليوم من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقًا، اجتاحوا العالم الإسلامي في القرن السابع الهجري، في اجتياح لم يسبق مثله في التاريخ، ونشروا الرعب والقتل والتدمير في كلّ بلد يدخلونه، ثمّ هداهم الله للإسلام فيما بعد، وبعد حروب كثيرة، وللمؤلف -رحمه الله- مواقف مشرفة في جهادهم، وقد كان للصوفية والرافضة مواقف مخزية، قال أحدهم لشيخ الإسلام ابن تيمية: نحن ما ينفق حالنا إِلَّا عند التتر، وأمّا عند الشرع فلا. وقال الشّيخ عبد الرّحمن دمشقية: العلّاقة بين التتار والرفاعية عار وليست كرامة. انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٣٧٤، والبداية والنهاية ١٣/ ٩٨ وما بعدها و ١٤/ ٥١، ودائرة المعارف الإسلامية ترجمة أحمد الشنتناوي وآخرين ٤/ ٥٧٦ مادة تتر، والرفاعية تأليف عبد الرّحمن دمشقية ص ١١٠ وما بعدها، الطبعة الأولى ١٤١٠ هـ.
(٤) في (د): هؤلاء.

<<  <   >  >>