للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرقون، ولم يذكره البخاريّ فإنّه لا يثبت وإن رواه مسلم، ومعلوم أن المسترقي يقول لغيره: ارقني، فيطلب من غيره الرقية، فإن (١) كان مشهد (٢) القيومية معتبرًا في سؤال الخلق، وجب أن يكون المسترقي إنّما سأل الله، وكان يكون مأمورًا بالاستغاثة بالخلق باعتبار مشهد القيومية.

وقد قال الله -تعالى-: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)} [الشرح: ٧، ٨]، فإن كان مشهد القيومية معتبرًا في هذا الباب: كان كلّ من سأل مخلوقًا فإنّما رغب إلى الله فلا يُنهى عن ذلك، بل يؤمر بالرغبة إلى الخلق.

والله -تعالى- قد وصف الفقراء الممدوحين بأنّهم لا يسألون النَّاس إلحافًا، وسواء كان المعنى أنّهم لا يسألون النَّاس؛ أو يسألون النَّاس ولا يلحفون، فإن كان مشهد القيومية معتبرًا هنا، وجب أن يؤمر بسؤال الخلق والإلحاح في مسألتهم، فإنهم إنّما يلحفون في مسألة الله -تعالى- والله يحب الملحفين في الدُّعاء وهذا باب واسع.

الوجه السّادس عشر: أن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد مدح من لا يسأله، وفضله على من سأله، بل ذم كثيرًا ممّن [سأله] (٣)، فقال: "من سألنا أعطيناه ومن لم يسألنا فهو أحب إلينا" (٤)، وقال: "يسألني أحدهم المسألةُ ويخرج بها يتأبطها نارًا.


(١) في (د) و (ح) (وإن).
(٢) في (د) مشهود.
(٣) كذا في (ف) و (د) و (ح) وفي الأصل "لمسئله".
(٤) أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة والتعفف، تحقيق مجدي السَّيِّد إبراهيم ص ٧٤ رقم ٧٦ طبعة مكتبة القرآن - القاهرة، ولفظه "من يستعف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن سألنا شيئًا فوجدناه أعطيناه، وواسيناه، ومن استعف عنا استغنى فهو أحب إلينا ممّن سألنا"، وأخرجه الإمام أحمد في المسند ٣/ ٨٠٧ رقم ١١٤١٩ (ط. ١٤١٩ هـ، الناشر دار الأفكار، الرياض)، وابن أبي شيبة في المصنِّف ٣/ ٢١١، بلفظ قريب من لفظ ابن أبي الدنيا، دون قوله: "ومن استعف عنا استغنى فهو ... ".
قال العراقي في تخريج الإحياء ١٣/ ٩٨ رقم ٣٩٧٦: رواه ابن أبي الدنيا في القناعة والحارث بن أبي أسامة في مسنده وفيه حصين بن هلال ولم أر من تكلم فيه، وباقيهم ثقات. أ. هـ. قلت: في القناعة هلال بن حصن، قال أشرف عبد المقصود في حاشية تخريج الإحياء: في الإتحاف ٩/ ٣٠٥ حصين بن هلال. أ. هـ ولم أجده في زوائد مسند الحارث.
وقال محمّد بن طاهر الهندي في تذكرة الموضوعات ص ٦١ (وبذيلها قانون الموضوعات والضعفاء طبعة ١٣٩٩، الناشر دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان): =

<<  <   >  >>