للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيره أن أعرابيًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم-: جهدت الأنفس وجاع العيال وهلك المال فادع الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، فسبَّح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتّى عُرف ذلك في وجوه أصحابه، وقال: "ويحك إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك" (١)، وذكر تمام الحديث. فأنكر قوله: "نستشفع بالله عليك، ولم ينكر قوله: "نستشفع بك على الله" بل أقره عليه فعُلم جوازه، فمن أنكر هذا فهو مخطئ ضال مبتدع؛ وفي كفره نزل وتفصيل.

وأمّا من أقر بما ثبت بالكتاب والسُّنَّة والإجماع من شفاغته والتوسل به ونحو ذلك، ولكن قال: إنّه لا يدعي إِلَّا الله وأن الأمور الّتي لا يقدر عليها


(١) أخرجه أبو داود في (كتاب السُّنَّة، باب في الجهمية والمعتزلة) ٥/ ٩٥ رقم ٤٧٢٦، والدارمي في الرَّدِّ على الجهمية تخريج وتعليق بدر البدر ص ٤١ رقم ٧١ (الطبعة الأولى ١٤٠٥ هـ، الناشر الدَّار السلفية حولي الكويت)، والدارقطني في كتاب الصفات تدقيق وتعليق عبد الله الغنيمان ص ٣١ (الطبعة الأولى ١٤٠٢ هـ، الناشر مكتبة الدَّار بالمدينة المنورة)، وابن خزيمة في التّوحيد وإثبات صفات الرب -عز وجل-، دراسة وتحقيق د. عبد العزيز الشهوان ١/ ٢٣٩ (الطبعة الثالثة ١٤١٤ هـ، الناشر مكتبة الرشد الرياض).
وقد استغرب الحديث ابن كثير في تفسيره ١/ ٣١٠، وضعفه الإمام المجدد محمّد بن عبد الوهّاب في بعض نسخ كتاب التّوحيد، وصنف ابن عساكر جزءًا ضعفه فيه. انظر: الدر النضيد في تخريج كتاب التّوحيد، تأليف صالح العصيمي ص ١٧٧ (الطبعة الأولى ١٤١٣ هـ الناشر دار ابن خزيمة الرياض)، وقال حمدي السلفي في حاشية المعجم الكبير للطبراني ٢/ ١٣٣: لم يصح في أطيط العرش حديث. أ. هـ. وقال شعيب الأرنؤوط في حاشية شرح السُّنَّة ١/ ١٧٥: الحديث لا تقوم به حجة. أ. هـ. وضعفه الألباني في مختصر العلّو للذهبي ص ٩٢ الطبعة الأولى ١٤٩١ هـ، الناشر المكتب الإسلامي بيروت - لبنان. وقال ابن تيمية في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٦/ ٤٣٥ ولفظ "الأطيط" قد جاء في حديث جبير بن مطعم الّذي رواه أبو داود في السنن، وابن عساكر عمل فيه جزءًا، وجعل عمدة الطعن في ابن إسحاق، والحديث قد رواه علماء السُّنَّة كأحمد وأبي داود وغيرهما، وليس فيه إِلَّا ما له شاهد في رواية أخرى، ولفظ الأطيط قد جاء في غيره. أ. هـ. وأجاب ابن القيم عن علل الحديث على لسان المثبتين له وأطال في ذلك، انظر: عون المعبود ١٣/ ١١ وما بعدها، وتبعه فريح البهلال في كتابه تخريج أحاديث منتقدة في كتاب التوحيد ص ١٢٥ وما بعدها الطبعة الأولى ١٤١٥ هـ، الناشر دار الأثر الرياض.
ممّا سبق يتبيّن أن الحديث، وقد يذكره أهل السُّنَّة في الكلام على إثبات العلّو مع الأدلة الكثيرة الّتي استدلوا بها، وشنع عليه المبتدعة لأجل إنكارهم للعلّو.

<<  <   >  >>