للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثّاني، وهو أن يطلب منه ما لا يقدر عليه إِلَّا الله، وإلا فالصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يطلبون منه الدُّعاء ويستسقون به كما في صحيح البخاريّ عن ابن عمر قال: "ربما ذكرت قول الشاعر، [وأنا] (١) أنظر إلى وجه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يستسقي فما ينزل حتّى يجيش له الميزاب.

وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه ... ثِمَال اليتامى عصمة للأرامل

وهو قول أبي طالب" (٢)، ولهذا قال المصنفون في أسماء الله -تعالى-: يجب على كلّ مكلّف أن يعلم أن لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إِلَّا الله، وإن كلّ غوث فمن عنده، وإن كان جعل ذلك على يد غيره؛ فالحقيقة له سبحانه (٣)، ولغيره مجازًا، قالوا: ومن أسمائه المغيث والغياث، وجاء ذكر


= وفي تلخيص الاستغاثة ص ١٥٣ - ١٥٤: هذا الخبر لم يذكر للاعتماد عليه بل ذكر ضمن غيره ليتبيّن أن معناه موافق للمعاني المعلومة بالكتاب والسُّنَّة، وهذا الخبر ممّا يصلح للاعتضاد به، وقد روى النَّاس هذا الحديث من أكثر من خمسمائة سنة إن كان ضعيفًا، وإلَّا فهو مروي من زمان النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - .... أ. هـ. وفيما نقله الملخص عن ابن تيمية في التلخيص نظر، لأنّ ابن تيمية قال عن الحديث في ص ١٨٤: "إن صح" وأيضًا في ص ١٨٦ واستدل به في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة في ص ٢٦٤ ولم يتكلم عليه.
وقال في الفتاوى عن ابن لهيعة ١٨/ ٢٦: "إنّه من أكابر علماء المسلمين وكان قاضيًا بمصر، كثير الحديث، لكن احترقت كتبه فصار يحدث من حفظه، فوقع في حديثه غلط كثير مع أن الغالب على حديثه الصِّحَّة. قال أحمد: اكتب حديث الرَّجل للاعتبار به مثل ابن لهيعة" وبهذا يتضح أن تضعيف الحديث في التلخيص غالبه زيادة من الملخص، وبناء على ما سبق يتضح أن الحديث ضعيف، ولكن كما قال الذهبي في السير ٨/ ١٤ عن ابن لهيعة: "وبعضهم يبالغ في وهنه، ولا ينبغي إهداره، وتتجنب تلك المناكير، فإنّه عدل في نفسه. أ. هـ.
(١) كذا في (ح) و (ط) وفي الأصل و (ف) و (د) إنّما.
(٢) أخرجه البخاريّ في (كتاب الاستسقاء، باب سؤال النَّاس الإمام إذا قحطوا) ١/ ٣٠٢ رقم ١٠٠٩ ولفظه: " ... كلّ ميزاب ... " وطرفه ١٠٠٨، والبيت من قصيدة أبي طالب -عم النّبيِّ صلى الله عليه وسلم- قالها في استعطاف قريش ومدح النبي - صلى الله عليه وسلم - ومطلعها:
ولما رأيت القوم لا ود فيهم ... وقد قطعوا كلّ العرى والوسائل
انظر: سيرة ابن هشام ١/ ٢٧٢ وثِمَال اليتامى: غياثهم، وفلان ثِمال بني فلان أي عمادهم وغياث لهم يقوم بأمرهم. لسان العرب ١١/ ٩٤ مادة ثمل.
(٣) في الأصل و (ف) (لذلك) وهي زيادة.

<<  <   >  >>