كتاب الاستغاثة في الرد على البكري

وقد حدثني بعض الثقات عن هذا الشخص (١) أنه كان يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم مفاتيح الغيب التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢): "خمس لا يعلمها إلا الله: إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا، وما تدري نفس بأي أرض تموت" (٣)، وأظنه ذكر عنه أنه قال: "علمها بعد أن أخبر أنه لا يعلمها إلا الله".

وآخر من جنسه يباشر التدريس ويُنسب إليه الفتيا كان يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم ما يعلمه الله (٤)، ويقدر علي ما يقدر عليه الله، وأن السر انتقل بعده إلى

(١) أي البكري.
(٢) في هامش (د) في نسخه "تكذيبًا لقوله ولقول غيره وردًا عليهم".
(٣) أخرجه البخاري في (كتاب الاستسقاء، باب لا يدري متى يجيء المطر إلا الله) ١/ ٣١٠ رقم ١٠٣٩، ومسلم في (كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان) ١/ ٣٩ رقم ٩ واللفظ له. وهو قطعة من حديث جبريل عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وأوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بارزًا يومًا للناس ... " الحديث.
(٤) يدّعِي زنادقة الصوفية هذه الدعوى ليس حبًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو تعظيمًا له كما يدعون، بل ليثبتوا بها أمرًا آخر خاصًّا بهم، يقول الشعراني: اعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُعطي القرآن مجملًا قبل جبريل من غير تفصيل الآيات والسور، فقيل له: لا تعجل بالقرآن الذي عندك قبل جبريل فنلقيه على الأمة مجملًا فلا يفهمه أحد عنك لعدم تفصيله {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} أي بتفصيل ما أجمل من المعاني في التوحيد والأحكام ... ويقول: ما بقي للأولياء إلا وحي الإلهام على لسان ملك مغيب لا يشاهد فيعلمهم بصحة حديث قيل بتضعيفه أو عكسه من طريق الإلهام من غير شهود للملك إذ لا يجمع بين شهود الملك والجاحدين. أ. هـ. الكبريت الأحمر بهامش اليواقيت والجواهر لعبد الوهاب الشعراني ص ٦ طبعة ١٣٧٨ هـ, الناشر شركة ومكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي.
وقال: وقد أخبرنا - صلى الله عليه وسلم - بأنه أوتي علم الأولين والآخرين، ونحن الآخرين بلا شك، وقد عمم محمد - صلى الله عليه وسلم - الحكم في العلم الذي أوتيه فيشمل كل علم منقول ومعقول ومفهوم وموهوب. أ. هـ. اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر لعبد الوهاب الشعراني ٢/ ٣٩ طبعة ١٣٧٨ هـ, الناشر شركة ومكتبة ومطبعة مصطفى البايي الحلبي وبهامشه الكبريت الأحمر.
قلت: كذب الشعراني لم يخبر - صلى الله عليه وسلم - بشيء من ذلك، هذا كلام الصوفية من كتبهم التي ذكر مؤلفها أنها في عقائدهم.