للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضاً لما فتح المسلمون تستر (١) وجدوا فيها قبر دانيال وكان أهل البلد يستسقون به، فكتب في ذلك أبو موسى إلى عمر بن الخطاب (٢)، فكتب إليه " [أن أحفر] (٣) بالنهار ثلاثة عشر قبراً وادفنه بالليل في واحد منها لئلا [يفتتن به] (٤) الناس فيستسقون به" (٥).

فهذه كانت (٦) سنة الصحابة -رضوان الله عليهم- ولهذا لم يكن في زمن الصحابة والتابعين لهم بإحسان على وجه الأرض في ديار الإسلام مسجد مبني على قبر، ولا مشهد يزار لا بالحجاز ولا اليمن ولا الشام ولا مصر ولا العراق ولا خراسان، وقد ذكر مالك -رحمه الله- أن وقوف الناس للدعاء عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعة لم يفعلها الصحابة ولا التابعون، [وقال: لا] (٧) يصلح


(١) تستر: بالضم ثم السكون، وفتح التاء الأخري وراء، وهي تعريب شوشتر ومعناه النزه والحسن والطيب واللطيف، من إقليم خوزستان فيه أنهار كثيرة أعظمها نهر تستر، ينسب إليها جماعة منهم سهل التستري، وفيها وجد دانيال الذي نحن بصدد ذكره. انظر: معجم البلدان ٢/ ٣٤ - ٣٦ رقم ٢٥١٧.
(٢) في (ف) -رضي الله عنه-، ومن هنا يبدأ فراغ في الأسطر مثل ما سبق.
(٣) ما بين المعقوفتين من (ف) و (د) و (ح) وفي الأصل (انحفر).
(٤) كذا في (د) و (ح) وفي الأصل و (ف) يعتريه، وما أثبت أعلاه يوافق لفظ الأثر في مصادره.
(٥) وردت عدة روايات في دفن دانيال -عليه السلام-، فذكر الطبري في تاريخه ٢/ ٥٠٥ الخبر ولم يذكر طريقة الدفن، وقال البلاذري في فتوح البلدان ص ٣٨٦ (الطبعة الأولى بمطبعة الموسوعات القاهرة - مصر) إن أبا موسى دفنه في نهر وأجرى الماء عليه، وقال ابن كثير في قصص الأنبياء ص ٥٢٩، وروى ابن أبي الدنيا هذا الخبر من غير وجه في، كتابه القبور وذكر إخفاء أبي موسى لقبره لكيلا يعلم به أحد. (ولم أقف على كتاب القبور لابن أبي الدنيا مطبوعاً أو مخطوطاً)، وروى ابن كثير في البداية والنهاية ٢/ ٤٠، وفي قصص الأنبياء ص ٥٢٨ عن أبي العالية.
قال: حفرنا ثلاثة عشر قبراً متفرقة، فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلها، لنعميه عن الناس فلا ينبشونه، قلت: فما يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطروا ... إلى آخره.
قال ابن كثير: وهذا إسناد صحيح إلى أبي العالية. أ. هـ.
(٦) إلى هنا انتهى الفراغ في أسطر (ف).
(٧) كذا في (ف) و (د) و (ح) وفي الأصل (قال ولا).

<<  <   >  >>