للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الحنفية والصابئة، فضلوا وأضلوا، وأما الحنفاء فعندهم أنه ما من عبد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه حاجب وترجمان (١)، وعندهم أن الملائكة عباد الله يفعلون ما أمرهم الله به، ومن أثبت أن دون الله روحاً يكون مبدعاً للعالم فهو أكفر عند الحنفاء مشركي العرب، فإن مشركي العرب كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء، لا يثبتون دونه شيئاً أبدع (٢) العالم، ولما قال من قال منهم: إن الملائكة بنات الله؛ لم يجعلوا الملائكة مبدعة للعالم.

وأما هؤلاء الفلاسفة [يقولون] (٣): إن الصادر الأول عن العقل الأول؛ وأن كل مما سواه صادر عنه، فالعقل الأول هو رب كل ما سوى الله عندهم، وكذلك كل عقل هو مبدع ما سواه عندهم، حتى ينتهي الأمر إلى العقل العاشر فهو عندهم مبدع ما تحت الفلك.

ومعلوم أن المسلمين واليهود والنصارى ومشركي العرب وغيرهم لا يجعلون أحداً من دون الله أبدع كل ما تحت السماء، وهؤلاء يجعلون الملائكة التي أخبرت، بها الرسل هي العقول والنفوس التي زعموها، ومنهم من يجعل العقل الأول هو القلم؛ ويجعل النفس هي اللوح، ومنهم من يحتج بالحديث الموضوع: "أول ما خلق الله العقل" (٤)، مع أنهم حرَّفوا


(١) يشير إلى ما أخرجه البخاري في (كتاب الزكاة، باب الصدقة قبل الرد) ١/ ٤٢ رقم ١٤١٣ وأطرافه رقم ٦٥٣٩، ٧٤٤٣، ٧٥١٢، ومسلم في (كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة؛ ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة وأنها حجاب من النار: ٢/ ٧٠٣ رقم ١٠١٦ من حديث عدي بن حاتم.
(٢) في (د) (ابدأ) وفي (ح) ابدء.
(٣) كذا في (ف) و (د) وفي الأصل و (ح) (يقول).
(٤) روى الحديث بأسانيده ابن الجوزي في الموضوعات ١/ ١٧٤ - ١٧٦ ثم قال: وهذا لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروى بسنده عن الدارقطني قال: كتاب العقل وضعه أربعة أولهم ميسرة بن عبد ربه، ثم سرقه منه داود بن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة، فسرقه عبد العزيز بن أبي رجاء فركبه بأسانيد أخر، ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي فأتى بأسانيد أخر. أ. هـ.
وقد بيّن وضع الحديث السخاوي في المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، تصحيح عبد الله محمد الصديق وتقديم عبد الوهاب عبد اللطيف ص ١١٨ رقم ٢٣٣ (طبعة ١٣٧٥ هـ، الناشر مكتبة الخانجي - مصر ومكتبة المثنى ببغداد - =

<<  <   >  >>