للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعاء المقبور] (١)، ودعاء المقبور من أعظم الوسائل إلى ذلك.

وقد قدم بعض شيوخ (٢) المشرق وتكلم معي في هذا، فبينّت له فساد هذا، فقال: أليس قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور" (٣)، فقلت هذا مكذوب باتفاق أهل العلم لم يروه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدٌ من علماء الحديث، وبسبب هذا وأمثاله ظهر مصداق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضَبٍّ لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن" (٤)، وفي الحديث الآخر الصحيح: "لتسلكن أمتي مسالك الأمم قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع، قالوا: يا رسول الله فارس والروم؟ قال: ومن الناس إلا هؤلاء" (٥)؟ فاتخاذ القبور مساجد هو من فعل اليهود والنصارى، وأما


(١) بياض في جميع النسخ بمقدار ثلاث كلمات، وفي هامش (ف) مكتوب بياض في الأصل، وما بين المعقوفين يقتضيه السياق، وقد صُنف في دعاء المقبور بعض المؤلفات، قال العلامة سليمان بن عبد الله في التوضيح عن توحيد الخلاق ص ٢١٧ - في الكلام على دعاء القبور-: وحتى صنف بعض غلاتهم في ذلك كتاباً سماه مناسك حج مشاهد الأبرار لمن عني عليهم من المقيمين والزوار، وصنف بعضهم كتاباً سماه: "روضة الأبرار في دعوة الأولياء الأخيار في الشدائد المدلهمة الغزار".
(٢) في (د) الشيوخ.
(٣) هذا الحديث موضوع، ذكره العجلوني في كشف الخفاء ١/ ٨٥ وعزاه لابن كمال باشا، وبيّن وضعه ابن القبم في إغاثة اللهفان ١/ ٣٣٣، ومحمد نسيب الرفاعي في التوصل إلى حقيقة التوسل المشروع والممنوع ص ٣٥٢، الطبعة الثالثة ١٣٩٩ هـ وغيرهم.
(٤) أخرجه البخاري في (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لتتبعن سنن من كان قبلكم" ٥/ ٢٢٨٥ رقم ٧٣٢٠، ومسلم في كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى ٤/ ٢٠٥٤ رقم ٢٦٦٩، ولفظ الصحيحين: " ... شبراً بشبراً وذراعاً بذراع ... "، وأما لفظ: " ... حذو القذة بالقذة ... "، فقد أخرجه الإمام أحمد في المسند ٤/ ١٢٥.
والقذة: أي كل واحدة منهما على قدر صاحبتها. النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير ٤/ ٢٨.
(٥) أخرجه البخاري في نفس الكتاب والباب ٥/ ٢٢٨٥ رقم ٧٣١٩، ولفظه: "لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي، بأخذ بالقرون قبلها .. "، ولفظ: "لتسلكن أمتي مسالك" لم أجده إلا في مستدرك الحاكم ١/ ١٢٩. ولفظه: "لتسلكن سنن من قبلكم".

<<  <   >  >>