للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له في صورة حيوان آخر، وتكون تلك الشياطين تتصور بتلك الصور لأولئك المشركين الذين دعوا من دون الله آلهة أخرى وطلبوا منهم ما لا يجوز أن يطلب إلا من الله، كما كان المشركون يطلبون من الأوثان ما يطلب من الله، وكما يطلب عباد الكواكب منها ما لا يطلب من الله، وكذلك عباد الأنبياء والملائكة، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)} [الإسراء: ٥٦ - ٥٧]، وقال تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)} [آل عمران: ٨٠]، وهؤلاء لا (١) يتصور أن يقضى لهم جميع مطالبهم ولا أكثرها، كما أن ما تخبر به الشياطين من الأمور الغائبة لا يصدقون فيه كله ولا في أكثره، بل يصدقون في واحدة ويكذبون في أضعافها، ويقضون لهم حاجة واحدة ويمنعونهم أضعافها، ويكون فيما أخبروا به وأعانوا عليه إفساد حال الرجال في الدين والدنيا، وهذه الأمور لبسطها موضع [آخر] (٢).

والمقصود أن كثيراً من [الضالين] (٣) الجاهلين يستغيثون بمن يحسنون به الظن من الأموات والغائبين في كل ما يستغاث الله فيه، ولا يتصور أن هؤلاء يسألونهم مطالبهم كلها ولا أكثرها، بل غاية ما يطلبونه منهم من جنس تحصيل المنافع ودفع المضار و (٤) لا يحصل، بل قد يُحصّل بعض المطالب، كما يحصل لعباد الأصنام والكواكب وغيرهم من المشركين، ويكون ما يخبرون به ويفعلونه شبهة للمشركين، كما أن ما يخبر به الكاهن ونحوه من الأخبار فإنه يصدق في واحدة ويكذب في شيء كثير، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو آتوا بالأمر على وجهه لكان، ولكن يخلطون بالكلمة الواحدة مائة كذبة" (٥).


(١) (لا) سقطت من (د).
(٢) كذا في (د) و (ح)، وسقطت من الأصل و (ف).
(٣) كذا في (ف) و (د) و (ح)، وفي الأصل الصالحين.
(٤) الواو سقطت من (ف).
(٥) أخرجه البخاري في (كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده) ٢/ ١٠١٢ رقم ٣٢١٠ وأطرافه: ٣٢٨٨، ٥٧٦٢، ٦٢١٣، ٧٥٦١، ومسلم في (كتاب السلام، باب تحريم =

<<  <   >  >>