للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الله هو السميع العليم إشارة إلى الحقائق التي [حصرها] (١) الرب -سبحانه- في نفسه بهذا الكمال، وقال الآخر: إن الرسول لا يسمع ولا يعلم (٢)، أكان يشك مسلم في أن الأول موحد والثاني كافر متنقص [و] (٣) لا ينفعه تأويله؟ فإن سوء العبارة في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - كفر وإن صح المقصود، كما دل عليه كلام الإمام وغيره، ألا ترى إلزام الله -عز وجل- للصحابة بتحسين الخطاب معه وإيراده بكيفية الأدب إلى آخره ...).

فيقال: أما المثال الأول فهو وإن كان أقرب إلى المطابقة فجوابه من وجوه:

أحدها: أنه إذا كان الكلام في سياق العموم بيان (٤) أنه أفضل الخلق مثل أن يقول: لا يضر ولا ينفع إلا الله لا الرسول ولا من دونه؛ أو يقال: إذا كان الرسول الذي هو أفضل الخلق لا يضر ولا ينفع فكيف من دونه ونحو ذلك، فهذا مثل قوله: لا يضر ولا ينفع إلا الله، وأما إذا كان المراد أن الرسول لا يضر ولا ينفع وغيره يضر وينفع فهذا هو التنقيص، وهو نظير أن يقال: الرسول لا يستغاث (به، بل يستغاث) (٥) بغيره فهذا تنقيص بلا ريب، فإنه يتضمن تنقيصه عمن الرسول أفضل منه، وهذا تنقيص عن درجته بلا ريب.

ويقال ثانياً: لو قال لا يضر ولا ينفع من الذي قال إنه يكفر بذلك؛ إذا عنى بذلك معنى قوله: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: ١٨٨]، فإذا كان لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً وقد أمره الله أن يقول ذلك، فهو أحرى أن لا (٦) يملك لغيره، وقد قال: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} [الجن: ٢١]، فأخبر أنه لا يملك من الله لا ضرهم ولا رشدهم، و [قد] (٧) قال الله -تعالى-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: ١٢٨]، وثبت


(١) كذا في (ف) و (د) و (ح)، وفي الأصل (حصر).
(٢) في (ف) لا يعلم ولا يسمع.
(٣) كذا في (ف) و (د) و (ح)، وسقطت من الأصل.
(٤) هكذا في جميع النسخ، والأولى أن تكون هكذا (وبيان).
(٥) ما بين القوسين سقط من (د) و (ح).
(٦) (لا) سقطت من (ف).
(٧) كذا في (د)، وسقطت من الأصل و (ف) و (ح).

<<  <   >  >>