للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال: (فإن سوء العبارة في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - كفر وإن صح المقصود، كما دل كلام الإمام وغيره، ألا ترى إلزام الله للصحابة -رضوان الله عليهم- بتحسين الخطاب معه وإيراده بكيفية الأدب، حيث قال لهم: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)} [الحجرات: ٢]، وقال -عز وجل-: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤)} [الحجرات: ٤]، وقد نبه في الأول على حبط العمل بسوء الأدب، ولا يحبط العمل كله إلا بالكفر بإجماع أهل السنة، وجعل الاستخفاف به كفراً، كما قال -عز وجل-: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: ٦٥، ٦٦]، ولا أعلم خلافاً بين النقلة أن الذين نزلت فيهم هذه الآية بسبب كلامهم، لم يكونوا تعرضوا لله بعبارتهم (١)، وإنما تنقصوا رسوله فجعل استخفافهم برسوله استهزاء به سبحانه [و] (٢) بآياته وكفى بذلك تكفيراً).

والجواب من وجوه: أحدها: أن يقال: لا نسلم أن ما فيه النزاع سوء عبارة، بل هو من أحسن العبارات كما تقدم بيانه.

الثاني: أنه إن كان سوء العبارة في حق الرسول كفر؛ ففي حق الله أعظم كفراً، ومن قال: إنه يستغاث بالمخلوق في كل ما يستغاث فيه بالخالق؛ كانت هذه العبارة [أنه يطلب] (٣) من المخلوق كل ما (٤) يُطلبُ من الخالق، وهذا يُشعر أنه جعل المخلوق نداً للخالق؛ وما أفهم الشرك كان من أسوأ العبارات (٥)؛ فيجب أن يكون كفراً؛ يلزم هذا القائل، وقد


(١) في (د) بعبادتهم.
(٢) كذا في (د) و (ح)، وسقطت من الأصل و (ف).
(٣) كذا في (ف) و (د) و (ح)، وسقطت من الأصل.
(٤) في (د) و (ح) كما.
(٥) في (ف) و (د) و (ح) العبارة.

<<  <   >  >>