للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المعنى حقٌّ، ولكنَّ مرادَ الآية شيءٌ آخر.

وقيل: المعنى: إنَّ علينا للهُدَى والإضْلَال.

قال ابن عباس ﵄ في رواية عطاء: "يريد: أُرْشِدُ أوليائي إلى العمل بطاعتي، وأَحُولُ بين أعدائي وبين أن يعملوا بطاعتي".

قال الفرَّاء: "فَتَرَكَ ذكر الإضْلَال، كما قال: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل: ٨١]، أي: والبرد" (١).

وهذا أضعف من القول الأوَّل، وإن كان معناه صحيحًا، فليس هو معنى الآية.

وقيل: المعنى: من سَلَكَ الهُدَى فعَلَى الله سبيلُه، كقوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ [النحل: ٩]، وهذا قول مجاهد (٢)، وهو أصحُّ


(١) "معاني القرآن" (٣/ ٢٧١).
قال شيخ الإسلام: "وهذا القول هو من الأقوال المُحْدَثة التي لم تُعرف عن السلف، وكذلك ما أشبهه، فإنهم قالوا: معناه: بيدك الخير والشرُّ، والنبيُّ ﷺ في الحديث الصحيح يقول: "والخير بيديك، والشرُّ ليس إليك".
والله - تعالى - خالق كل شيءٍ: لا يكون في ملكه إلا ما يشاء، والقَدَرُ حقٌّ، لكن فَهْم القرآن، ووضع كل شيءٍ موضعه، وبيان حكمة الرَّبِّ وعدله مع الإيمان بالقَدَر؛ هو طريق الصحابة والتابعين لهم بإحسان". "دقائق التفسير" (٣/ ١٥٠).
(٢) انظر: "معالم التنزيل" (٨/ ٤٤٧)، و"الجامع" (٢٠/ ٨٦)، وفيهما نسبة هذا القول إلى الفرَّاء، وهو في "معاني القرآن" له (٣/ ٢٧١).
وانتصر له شيخ الإسلام وأطال في تقريره. "دقائق التفسير" (٣/ ١٤٢ - ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>