للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه (١) على مُنْكِرِيه، وهو - سبحانه - إنَّما يستدلُّ على أمرٍ واقعٍ ولا بُدَّ، إمَّا قد وَقَعَ وَوُجِدَ، أو سيقع.

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (٤)[القيامة: ٣، ٤]، أي: نجعلها كَخُفِّ البعير؟

قيل: هذه - أيضًا - فيها قولان: أحدهما: هذا (٢). والثاني: - وهو الأرجح - أنَّ تسوية بَنَانه إعادتُها كما كانت بعدما فرَّقَها البِلَى في التراب (٣).

الثامن: أنَّه - سبحانه - دعا الإنسانَ إلى النظر فيما خُلِقَ منه؛ لِيَرُدَّهُ نَظَرُهُ عن تكذيبه بما أُخْبِرَ به، وهو لم يُخْبَر بقدرة خالقه على رَدِّ الماءِ في إحْلِيله بعد مفارقته له، حتَّى يدعوه إلى النظر فيما خُلِق منه، ليستنتج منه صِحَّةَ إمكانِ ردِّ الماء.

التاسع: أنَّه لا ارتباط بين النظر في مبدأ خلقه وردِّ الماء في


(١) في (ط): به، وفي (ح) و (م) زيادة: ويبيِّنه.
(٢) وهو قول: ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وعكرمة، والحسن البصري، ومقاتل، والضحَّاك وغيرهم.
واختاره ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (١٢/ ٣٢٧ - ٣٢٨)، والنحَّاس في "إعراب القرآن" (١٠٢٨).
(٣) وهذا قول: ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" (٣٤٦)، والزجَّاج في "معاني القرآن" (٥/ ٢٥١).
واختاره كثير من المفسرين كـ: السمعاني في "تفسيره" (٦/ ١٠٢)، وابن عطية في "المحرر الوجيز" (١٥/ ٢٠٨)، والواحدي في "الوسيط" (٤/ ٣٩١)، والقرطبي في "الجامع" (١٩/ ٩٣)، وابن كثير في "تفسيره" (٨/ ٢٧٦)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>