للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكليم؛ ومحالٌ ثبوت النَّوع بدون الجنس.

ثُمَّ أمره أن يخاطبه بأَلْيَنِ خطاب فيقول له: ﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩)[النازعات: ١٨ - ١٩]؛ ففي هذا من لُطْفِ الخطاب وَلِيْنهِ وجوهٌ:

أحدها: إخراجُ الكلام مُخْرَجَ العَرْض، ولم يُخْرِجْهُ مُخْرَجَ الأمر والإلزام؛ وهو ألطف.

ونظيره قول، إبراهيم لضيفه المُكْرَمين: ﴿أَلَا تَأْكُلُونَ (٢٧)[الذاريات: ٢٧]، ولم يقل: كُلُوا.

الثاني: قوله: ﴿إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨)﴾؛ والتَّزَكِّي: النَّمَاء، والطهارة (١)، والبركة، والزيادة. فعَرَضَ عليه أمرًا يقبله كلُّ عاقلٍ، ولا يردُّه إلا كلُّ أحمقٍ جاهلٍ.

الثالث: قوله: ﴿تَزَكَّى (١٨)﴾ ولم يقل: أُزكِّيكَ، فأضاف التزكية إلى نفسه، وعلى هذا يخاطَبُ الملوك.

الرابع: قوله: ﴿وَأَهْدِيَكَ﴾ أي: أكون دليلًا لك، وهاديًا بين يديك. فنسب الهداية إليه، والتزكِّي إلى المخاطَب. أي: أكون دليلًا لك وهاديًا فَتَتَزَكَّى أنتَ، كما تقول للرجل: هل لك أنْ أَدُلَّكَ على كنزٍ تأخذ منه ما شئتَ؟ وهذا أحسن من قوله: أُعطِيكَ.

الخامس: قوله: ﴿إِلَى رَبِّكَ﴾ فإنَّ في هذا ما يوجب قبول ما دلَّهُ (٢)


(١) في (ز): الظهور! تصحيف.
(٢) في (ز) و (ط) و (م): دَلَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>