للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠)[الحاقة: ٣٨ - ٤٠] إلى آخرها.

قال مقاتل: "بما تبصرون (١) من الخلق، وما لا تبصرون منه" (٢).

وقال قتادة: "أَقْسَمَ بالأشياءِ كلِّها؛ ما يُبْصَرُ منها، وما لا يُبْصَر".

وقال الكلبي: "ما تبصرون من شيءٍ، وما لا تبصرون من شيءٍ" (٣).

وهذا أَعَمُّ قَسَمٍ وقع في القرآن، فإنَّه يَعُمُّ العُلْوِيَّات والسُّفْلِيَّات، والدنيا والآخرة، وما يُرَى وما لا يُرَى، ويدخل في ذلك الملائكةُ كلُّهم، والجِنُّ، والإنسُ، والعرشُ، والكرسيُّ، وكلُّ مخلوقٍ، وذلك كلُّه من آيات قدرته وربوبيته، وهو - سبحانه - يصرِّفُ الأقسام كما يصرِّفُ الآيات.

ففي ضمن هذا القَسَم أنَّ كلَّ ما يُرَى وما لا يُرَى آيةٌ ودليلٌ على صدق رسوله، وأنَّ ما جاء به هو من عند الله، وهو كلامُهُ، لا كلامُ شاعرٍ، ولا مجنونٍ، ولا كاهنٍ.

ومن تأمَّلَ المخلوقاتِ، ما يراه منها وما لا يراه، واعتبر ما جاء به الرسول بها، ونَفَّلَ فكرته في مجاري الخلق والأمر = ظَهَرَ له أنَّ


(١) من قوله تعالى: "وما لا تبصرون. . ." إلى هنا؛ ملحق بهامش (ن).
(٢) "تفسيره" (٣/ ٣٩٥).
(٣) انظر لهذه الأقوال وغيرها: "معالم التنزيل" (٨/ ٢١٤)، و"الوسيط" (٤/ ٣٤٨)، و"المحرر الوجيز" (١٥/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>