للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلتم: بل كان قادرًا، ولكن مكَّنَهُ، ونَصَرَهُ، وسلَّطَهُ على الخلق، ولم ينصر أولياءه وأتباع رُسُلِه = نسبتموه إلى أعظم السَّفَهِ والظلم، والإخلال بالحكمة؛ هذا لو كان مُخْلِيًا بينه وبين ما فعله، فكيف وهو في ذلك كلِّه ناصِرُهُ ومُؤَيدُهُ، ومجيبُ دعواته، ومهلِكُ مَنْ خالفه وكذَّبه، ومصدِّقُهُ بأنواع التصديق، ومُظْهِرُ الآيات على يديه؛ التي لو اجتمع أهل الأرض كلُّهم على أن يأتوا بواحدةٍ منها لما أمكنهم، ولعجزوا عن ذلك، وكلُّ وقتٍ من الأوقات يُحْدِثُ له من أسباب النصر، والتمكين، والظهور، والعُلُوِّ، وكثرة الأتباع أمرًا خارجًا عن العادة.

فظهر أنَّ من أنكر كونه رسولًا نبيًّا فقد سبَّ اللهَ - تعالى - وقَدَح فيه، ونسبه إلى الجهل، أو العجز، أو السَّفَه (١).

قلت له: ولا ينتقِضُ هذا بالملوك الظَّلَمة الذين مكَّنهم في الأرض وقتًا ما، ثُمَّ قطَعَ دابرهم، وأبطلَ سُنَّتَهم، ومحا آثارهم وجَوْرَهم، فإنَّ أولئك لم يُبْدُوا شيئًا من ذلك ولم يُعيدوا (٢)، ولا أُيِّدُوا ونُصِرُوا (٣)، ولا (٤) ظهرت على أيديهم الآيات، ولا صدَّقَهم الرَّبُّ - تعالى - بإقراره، ولا بفعله، ولا بقوله، بل أَمْرُهُم كان بالضدِّ من أمر الرسول، كـ: فرعونَ، ونَمْرُودَ وأضرابِهما.

ولا ينتقض هذا بمن ادَّعى النُّبوَّة من الكذَّابين؛ فإنَّ حالَهُ كانت (٥) ضِدُّ


(١) في (ح) و (م) بـ "الواو" بدل "أو" في الموضعين.
(٢) في (ن) و (ك) و (ح) و (ط) و (م) العبارة هكذا: "ولم يعيدوا شيئًا من هذا".
(٣) ساقط من (ز): "ولا أيدوا ونصروا".
(٤) ساقط من (ن) و (ك) و (ح) و (ط) و (م).
(٥) ساقط من (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>